ومن ذلك أيضًا بيع السلع وهي في محل البائع قبل أن يقبضها المبتاع ويحوزها إلى رحله وقد يتبايعها عدد كثير واحدًا بعد واحد وهي في مكان البائع وكل منهم لا يقبضها قبضًا شرعيًا وإنما ينظر إليها فقط أو ينظر إليها ويعدها إن كانت مما يعد كالأكياس ونحوها ثم يبيعها وهي في موضعها وهذا ليس بقبض شرعي وإنما هو حيلة يراد بها التخلص من تعب النقل ومؤنته وهؤلاء المحتالون على البيع قبل القبض الصحيح قد خالفوا أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وارتكبوا نهيه كما سيأتي بيانه.
ولا يجوز لمن اشترى أكياسًا ونحوها أن يبعها أو يسوم عليها حتى يحوزها إلى رحله وإن لم يكن له رحل فلابد أن ينقلها إلى مكان لا اختصاص للبائع به لما رواه الحاكم في مستدركه عن ابن عمر رضي الله عنهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه «نهى أن تباع السلع حيث تشترى حتى يحوزها الذي اشتراها إلى رحله وإن كان ليبعث رجالاً فيضربونا على ذلك» قال الحاكم صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وروى أبو داود والدارقطني في سننيهما وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ابتعت زيتًا في السوق فلما استوجبته لقيني رجل فأعطاني به ربحًا حسنًا فأردت أن أضرب على يده فأخذ رجل من خلفي بذراعي فالتفت فإذا هو زيد بن ثابت فقال لا تبعه حيث ابتعته حتى تحوزه إلى رحلك فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نهى أن تباع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحلهم.
وفي رواية للدارقطني عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ابتعت زيتًا بالسوق فقام إليَّ رجل فأربحني حتى رضيت قال فلما أخذت بيده لأضرب