وقد رأينا اليهود والنصارى الذين عاشروا المسلمين هم أقل كفرا من غيرهم كما رأينا المسلمين الذين أكثروا من معاشرة اليهود والنصارى هم أقل إيمانًا من غيرهم ممن جرد الإسلام. والمشاركة في الهدي الظاهر توجب أيضا مناسبة وائتلافا وإن بعد المكان والزمان فهذا أيضا أمر محسوس. قال والمشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة انتهى.
وما ذكره رحمه الله تعالى من نتائج التشبه بأعداء الله تعالى وثمراته السيئة كله واقع في زماننا، ولا سيما مواصلة أعداء الله تعالى ومؤاخاتهم وموالاتهم وموادتهم ومحبتهم والاختلاط التام بهم في بعض الأقطار بحيث قد ارتفع فيها التمييز ظاهرًا بين المسلم والكافر فلا يعرف هذا من هذا إلا من كان يعرفهم بأعيانهم، وقد قادت هذه الموافقة والمشابهة كثيرًا من الناس إلى النفاق وكثيرًا منهم إلى الردة والخروج من دين الإسلام عياذًا بالله من موجبات غضبه وأليم عقابه.
فصل
ولما كان التشبه بأعداء الله تعالى واتباع سننهم والأخذ بأخذهم من أعظم العوامل في هدم الإسلام ومحو السنن النبوية واطراح المناهج السلفية والمروآت والشيم العربية والاعتياض عن ذلك كله بأدناس المدنية الإفرنجية، أحببت أن أنبه ههنا على أنواع من المشابهة فشت في زماننا وكثر الواقعون فيها وقل المنكرون لها، وكثير مما أذكره قد وقع من أزمان