وقد ورد الأمر بمخالفة أهل الكتاب في لباسهم والأمر للوجوب وترك الواجب معصية فروى الإمام أحمد بإسناد حسن عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مشيخة من الأنصار -فذكر الحديث وفيه-: فقلنا: يا رسول الله إن أهل الكتاب يتسرولون ولا يتزرون فقال: «تسرولوا واتزروا وخالفوا أهل الكتاب».
وروى الإمام أحمد أيضًا وأبو داود الطيالسي ومسلم والنسائي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي ثوبين معصفرين فقال:«إن هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها».
وفي رواية لمسلم قال: رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - عليَّ ثوبين معصفرين فقال:«أأمك أمرتك بهذا؟» قلت: أغسلهما؟ قال:«بل احرقهما».
وفي رواية للنسائي عنه رضي الله عنه أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعليه ثوبان معصفران فغضب النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال:«اذهب فاطرحهما عنك» قال: أين يا رسول الله؟ قال:«في النار».
وهذا الحديث الصحيح صريح في تحريم ثياب الكفار على المسلمين وفيه دليل على المنع من لبس البرنيطات وغيرها من ملابس أعداء الله تعالى كالاقتصار على لبس البنطلونات والقمص القصار وغير ذلك من زي أعداء الله تعالى وملابسهم لوجود علة النهي فيها ... وفي غضب النبي - صلى الله عليه وسلم - على عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وأمره بطرح ثوبيه في النار أبلغ زجر عن مشابهة الكفار في زيهم ولباسهم. وكذلك في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «أأمك أمرتك بهذا؟» أبلغ ذم وتنفير من التشبه بأعداء الله تعالى والتزيي بزيهم.