الملك حتى قتل في يد العرب بمدينة الري وكان ملكه إلى أن هلك ثلاثًا وأربعين سنة، ثم ملك بعده ابنه أنوشروان ولما تولى الملك كان صغيرًا فلما استقل بالملك وجلس على السرير قال لخواصه إني عاهدت الله إن صار الملك إلي أن أعيد آل المنذر إلى الحيرة ثانيا وأن أقتل طائفة المزدكية الذين أفسدوا في أموال الناس ونسائهم، وكان مزدك قائمًا إلى جانب السرير فقال: هل تقتل الناس جميعا هذا فساد في الأرض والله قد ولاك لتصلح لا لتفسد. فقال له أنوشروان يا ابن الخبيثة أتذكر وقد سألت أبي قباذ أن يأذن لك في المبيت عند أمي، فأمر لك فمضيت نحو حجرتها فلحقت بك وقبلت رجلك وما زال نتن جواربك في أنفي منذ ذلك اليوم إلى الآن وسألتك حتى وهبتها لي ورجعت؟ فقال: نعم فأمر بقتله فقتل بين يديه وأخرج وأحرقت جثته وأمر بقتل أتباعه فقتل منهم خلقًا كثيرًا وأثبت ملة المجوسية القديمة وكتب بذلك إلى أصحاب الولايات وقوى جنده بالأسلحة والكراع وعمر البلاد وقسم أموال الزنادقة على الفقراء ورد الأموال التي لها أصحاب إلى أصحابها وأجرى الأرزاق للضعيفات اللاتي مات عنهن أزواجهن وأمر أن يزوجهن من مال كسرى وكذلك فعل بالبنات اللاتي لم يوجد لهن أب وأما البنون الذين لم يوجد لهم أب فأضافهم إلى مماليكه ورد المنذر إلى الحيرة وطرد الحارث عنها وكان الحارث مزدكيًا انتهى.
وقد ذكر ابن جرير في تاريخه عن المزدكية نحو ما ذكره القرماني. فذكر أنهم قالوا: إن الله إنما جعل الأرزاق في الأرض ليقسمها العباد بينهم بالتآسي ولكن الناس تظالموا فيها، وزعموا أنهم يأخذون للفقراء من الأغنياء. ويردون من المكثرين على المقلين وأن من كان عنده فضل من الأموال