ثم تتابع مدعو النبوة فيهم حتى اشتهر بها زرادشت وكان مما سنه زرادشت عبادة النار والصلاة إلى الشمس، وكانوا يستحلون فروج الأمهات وقالوا الابن أحرى بتسكين شهوة أمه، وإذا مات الزوج فابنه أولى بالمرأة فإن لم يكن له ابن اكترى رجل من مال الميت ويجيزون للرجل أن يتزوج بمائة وألف وأظهر هذا الأمر مزدك في أيام قباذ وأباح النساء لكل من شاء ونكح نساء قباذ لتقتدي به العامة فيفعلون في النساء مثله فلما بلغ إلى أم أنوشروان قال لقباذ أخرجها إليّ فإنك إن منعتني شهوتي لم يتم إيمانك فهم بإخراجها فجعل أنوشروان يبكي بين يدي مزدك ويقبل رجله بين يدي أبيه قباذ ويسأله أن يهب له أمه فقال قباذ لمزدك ألست تزعم أن المؤمن لا ينبغي أن يرد عن شهوته؟ قال: بلى قال: فلم ترد أنوشروان عن شهوته؟ قال: قد وهبتها له، ثم أطلق للناس في أكل الميتة فلما ولي أنوشروان أمتى المزدكية.
وقال القرماني في تاريخه (أخبار الدول وآثار الأول) في الكلام على ملوك الفرس من الساسانية الذي من جملتهم قباذ. قال: وكان قباذ ضعيفًا مهينا في ملكه في أيام ظهر مزدك الزنديق وإليه تضاف المزدكية فادعى النبوة وأمر الناس بالتساوي في الأموال وأن يشتركوا في النساء؛ لأنهم إخوة لأب وأم آدم وحواء ودخل قباذ في دينه فشق ذلك على الناس وعظم عليهم وأجمعوا على خلع قباذ. وانضم إلى مزدك جماعة وقالوا: نحن نقاسم الناس ونرد على الفقراء حقوقهم من الأغنياء فكانوا يدخلون على الرجل في بيته فيغلبونه على أمواله ونسائه، فوثب رجل من الأشراف يعرف بابن ساجور في جماعة من أصحابه على مزدك فقتله فلم تبق ناحية إلا خرج منها خارج فخلعوا قباذ وولوا مكانه أخاه جاماسب بن فيروز ولحق قباذ بالهياطلة فأنجدوه وانتصر على أخيه جاماسب وحبسه واستمر قباذ في