قال: وقيام المرأة لزوجها حتى يجلس من فعل الجبابرة وربما يكون الناس ينتظرونه فإذا طلع قاموا فليس هذا من فعل الإسلام.
وقال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»: محصل المنقول عن مالك إنكار القيام ما دام الذي يقام لأجله لم يجلس ولو كان في شغل نفسه فإنه سئل عن المرأة تبالغ في إكرام زوجها فتتلقاه وتنزع ثيابه وتقف حتى يجلس فقال: أما التلقي فلا بأس به وأما القيام حتى يجلس فلا فإن هذا من فعل الجبابرة وقد أنكره عمر بن عبد العزيز انتهى.
قال شيخ الإسلام أبو العباس ابن تيمية -رحمه الله تعالى-: أبو بكر والقاضي ومن تبعهما فرقوا بين القيام لأهل الدين وغيرهم فاستحبوه لطائفة وكرهوه لأخرى والتفريق في مثل هذا بالصفات فيه نظر.
قال: وأما أحمد فمنع منه مطلقا لغير الوالدين فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - سيد الأئمة ولم يكونوا يقومون له فاستحباب ذلك للإمام العادل مطلقا خطأ.
وقصة ابن أبي ذئب مع المنصور تقتضي ذلك.
وما أراد أبو عبد الله -والله أعلم-إلا لغير القادم من سفر فإنه قد نص على أن القادم من السفر إذا أتاه إخوانه فقام إليهم وعانقهم فلا بأس به.
وحديث سعد يخرج على هذا وسائر الأحاديث فإن القادم يتلقى لكن هذا قام فعانقهم والمعانقة لا تكون إلا بالقيام.
وأما الحاضر في المصر الذي قد طالت غيبته والذي ليس من عادته المجيء إليه فمحل نظر. فأما الحاضر الذي يتكرر مجيئه في الأيام كإمام المسجد أو السلطان في مجلسه أو العالم في مقعده فاستحباب القيام له خطأ بل المنصوص عن أبي عبد الله هو الصواب انتهى.