القسم الثاني: القيام للداخل ونحوه إعظامًا له واحترامًا لا لقصد المعانقة أو المصافحة. وفي كراهة هذا والمنع منه نزاع بين العلماء والصحيح المنع منه لما تقدم عن أبي أمامة وأنس ومعاوية رضي الله عنهم في ذلك. وأحاديثهم وإن كانت واردة في هذا القسم فعمومها يشمل القسم الأول أيضا لأن كلا منهما من أفعال الأعاجم وتعظيم بعضهم بعضًا. والمسلم منهي عن التشبه بالأعاجم وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من تشبه بقوم فهو منهم» وفي الحديث الآخر: «ليس منا من تشبه بغيرنا».
وقد فرق بعض العلماء بين القيام لأهل الفضل والفقه وبين القيام لغيرهم فأجازوه لأهل الخير ومنعوه لغيرهم وهذا تفريق لا دليل عليه. وقد تقدم رد ما قاله النووي في ذلك.
قال إسحاق بن إبراهيم: خرج أبو عبد الله على قوم في المسجد فقاموا له فقال: لا تقوموا لأحد فإنه مكروه.
وقال أحمد أيضا في رواية مثنى: لا يقوم أحد لأحد.
وقال ابن حنبل: قلت لعمي ترى للرجل أن يقوم للرجل إذا رآه قال: لا يقوم أحد لأحد إلا الولد لوالده أو لأمه فأما لغير الوالدين فلا. نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك.
وظاهر هذه الروايات أنه لا فرق بين القيام لأهل الفقه والدين وبين القيام لغيرهم. وقد روي عن الإمام مالك نحو هذا قال ابن القاسم في «المدونة»: قيل لمالك الرجل يقوم للرجل له الفضل والفقه قال: أكره ذلك ولا بأس بأن يوسع له في مجلسه.