ففي المسند من حديث سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«اللهم لا يدركني زمان أو لا تدركوا زمانًا لا يتبع فيه العليم ولا يستحيا فيه من الحليم قلوبهم قلوب الأعاجم وألسنتهم ألسنة العرب».
وفي مستدرك الحاكم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«اللهم لا يدركني زمان أو لا أدرك زمان قوم لا يتبعون العليم ولا يستحيون من الحليم قلوبهم قلوب الأعاجم وألسنتهم ألسنة العرب». قال الحاكم: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه.
قال المناوي في شرح الجامع الصغير قلوبهم قلوب الأعاجم أي بعيدة من الخلاق مملوءة من الرياء والنفاق، وألسنتهم ألسنة العرب متشدقون متفصحون متفيهقون يتلونون في المذاهب ويروغون كالثعالب.
قال الأحنف لأن أبتلى بألف جموح لجوج أحب إلي من أن ابتلى بمتلون. قال والمعنى اللهم لا تحيني ولا أصحابي إلى زمن يكون فيه ذلك انتهى. وهذان الحديثان مطابقان لحال الأكثرين من زماننا فإنهم لا يتبعون العليم ولا يستحيون من الحليم. «إن يتبعون إلا الظن وما تهوى الأنفس». ويطيعون المغوين ويعصون المرشدين، وليس معهم من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم ما يحملهم على الحياء. ويمنعهم من تعاطي ما يدنس ويشين عند ذوي الأحلام والنهى.
وإنما شبه قلوبهم بقلوب الأعاجم لقلة فقههم في الدين، وانحرافهم عن المرواءات العربية وتخلقهم بأخلاق الأعاجم من طوائف الإفرنج وغيرهم من أعداء الله تعالى وشدة ميلهم إلى مشابهتهم في الزي الظاهر واتباع سننهم حذو القذة بالقذة.