وأما الصلاة في النعال فقد عفى أثرها في هذه الأزمان حتى صارت في بعض الأماكن من قبيل البدع ومنكرات الأفعال. وبعض المنتسبين إلى الإسلام ينكرون الصلاة في النعال والخفاف معًا.
ولما ذكر بعض أهل السنة لبعض المنتسبين إلى العلم من أولئك ما هم عليه من البدع والمنكرات قال له: وأنتم تفعلون أمرا منكرًا وهو الصلاة في الخفاف.
قلت: وهذا دليل على استحكام غربة الدين في زماننا حتى عاد المعروف عند الأكثرين منكرًا والمنكر معروفًا والسنة بدعة والبدعة سنة.
ومن غلو الموسوسين وتعمقهم أنهم يمنعون غيرهم من دخول المساجد في النعال والخفاف وينكرون ذلك عليهم أشد الإنكار ولو رأوا أحدًا يدخل المساجد في نعليه أو خفيه لاستعظموا ذلك واشتد إنكارهم على فاعله وإنما يحملهم على هذا جهلهم بالسنة وما كان عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه رضوان الله عليهم أجمعين من التيسير وترك التعسير.
وحجة الموسوسين على المنع من دخول المساجد بالنعال والخفاف أنها مظنة للتلوث بالنجاسة. وقد جاءت السنة بكشف هذه الشبهة كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول لله - صلى الله عليه وسلم - قال:«إذا جاء أحدكم إلى المسجد فلينظر فإن رأى في نعليه قذرا أو أذى فليمسحه وليصل فيهما» رواه الإمام أحمد وأبو داود الطيالسي والدارمي وأبو داود السجستاني والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ووافقه الذهبي في تلخيصه.
وفي سنن أبي داود ومستدرك الحاكم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا وطئ أحدكم بنعله الأذى فإن التراب له