عنها والعمل بخلافها محادة منهم لله ولرسوله - صلى الله عليه وسلم - واتباعًا لسنن اليهود والنصارى.
وما زال الشيطان يعظم عندهم أمر القبور ويزين لهم الغلو في أصحابها ويأمرهم بالتوسل بهم إلى الله في قضاء الحاجات وتفريج الكربات وإغاثة اللهفان ويوحي إليهم أنهم ينفعون ويضرون ويقربون عابديهم إلى الله زلفى ويشفعون لهم عنده حتى تمكنت وساوس الشيطان ووحيه وتزيينه من قلوبهم ورسخت فيها فصار افتتانهم بالقبور أعظم من افتتان اليهود والنصارى بقبور الأنبياء والصالحين، وما تركوا شيئا مما نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - وحذر من فعله ولعن فاعله إلا وقد ارتكبوه وشاقوا الله ورسوله، فإنه - صلى الله عليه وسلم - نهاهم أن يتخذوا القبور مساجد كما اتخذها اليهود والنصارى فعاندوه وبنوا عليها المساجد وسموها مشاهد ثم آل الأمر بكثير منهم إلى أن شرعوا للقبور حجا ووضعوا لذلك مناسك وكسوا القبور كما تكسى الكعبة وجعلوا حول بعض الضرائح المعظمة عندهم مطافًا يطوفون فيه على القبر كما يطوف المسلمون بالكعبة وسموا ذلك المطاف حرما يريدون أن يضاهئوا بأوثانهم البيت العتيق الذي جعله الله مثابة للناس وحرما آمنًا.
وقد حدثني غير واحد من رآهم يطوفون بالقبور ويتضرعون إلى أصحابها ويسألونهم قضاء الحاجات وتفريج الكربات وإغاثة اللهفان، فما أشبه هؤلاء الضلال بالذين قال الله تعالى فيهم:{إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ * يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ}.