تفريق شمل المسلمين وإيقاع العداوة والبغضاء بينهم. وأول ما فعلوا ذلك في بلاد الشام منذ أكثر من ستين سنة على أيدي دعاتهم المبشرين ليفصلوا الترك عن العرب، ذكر ذلك بعض المؤرخين، وذكر أنهم عقدوا لذلك مؤتمرًا في باريس منذ أكثر من خمسين سنة، وكثرت بسبب ذلك الجمعيات العربية وتعددت الاتجاهات.
قلت: ولم تزل الدعوة إليها تزداد والافتتان بها ينمو من ذلك الحين إلى زماننا هذا.
وقد نبه على هذه الدسيسة الإفرنجية صاحب المنار محمد رشيد رضا في كتابه (الخلافة والإمامة العظمى) فقال: ومن وسائل المتفرنجين لإماتة الدين تعارض المانع والمقتضى فاتخذوا لإزالة الموانع وسائل:
منها: بث الإلحاد والتعطيل في المدارس الرسمية ولا سيما العسكرية وفي الشعب جميعًا وألفوا لذلك كتبًا ورسائل بأساليب مختلفة.
ومنها تربية النابتة الحديثة في المدارس وفي الجيش على العصبية الجنسية وإحلال خيالها محل الوجدان الديني بجعلها في المثل الأعلى للأمة والفخر برجالها المعروفين في التاريخ، وإن كانوا من المفسدين المخربين بدلا من الفخر برجال الإسلام من الخلفاء الراشدين وغيرهم من السلف الصالحين ولهم في ذلك أشعار وأناشيد يتغنى بها التلاميذ والجنود وغيرهم انتهى.
وقد زاد الحمق والغرور ببعض أهل الجهل المركب في زماننا فزعموا أن القومية العربية هي روح الإسلام، وأن الدعوة إليها دعوة إلى روح الإسلام.