قالا: من أهل الطائف قال: «لو كنتم من أهل البلد لأوجعتكما ترفعان أصواتكما في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم -».
وروى النسائي بإسناد صحيح عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال سمع عمر رضي الله عنه صوت رجل في المسجد فقال:«أتدري أين أنت؟».
فدل هذا الحديث والذي قبله على أن رفع الأصوات في مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المنكرات التي يجب تغييرها. وجاء في حديث ضعيف أن ذلك عام في جميع المساجد فرواه ابن ماجه في سننه عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:«جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل سيوفكم واتخذوا على أبوابها المطاهر وجمروها في الجمع»، وهذا الحديث وإن كان ضعيفًا فلبعضه شواهد في الصحيحين وغيرهما تقويه.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري في الكلام على حديث عمر رضي الله عنه: قوله لو كنتما يدل على أنه كان تقدم نهيه عن ذلك. وفيه المعذرة لأهل الجهل بالحكم إذا كان مما يخفى مثله، قوله: لأوجعتكما. زاد الإسماعيلي جلدًا ومن هذه الجهة يتبين كون هذا الحديث له حكم الرفع لأن عمر رضي الله عنه لا يتوعدهما بالجلد إلا على مخالفة أمر توقيفي انتهى.
وإذا كان هذا قول أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه لرجلين رفعا أصواتهما في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فكيف يقال في جهال أهل هذه الأزمان