الأثر في تغيير الرأس الذي تحته ينقله من تفكير عربي ضيق إلى تفكير أفرنجي واسع. ثم أبى الله لهم إلا الخذلان، فتناقضوا ونقضوا ما قالوا من حجة الشمس إذ وجدوا أنهم لم يستطيعوا ضرب هذه الذلة على الأمة فنزعوا غطاء الرأس بمرة تكروا الطربوش وغيره ونسوا أن الشمس ستضرب رءوسهم مباشرة دون واسطة الطربوش ونسوا أنهم دعوا إلى القبعة وأنه لا وقاية لرءوسهم من الشمس إلا بها. ثم كان من بضع سنين أن خرج الجيش الإنجليزي المحتل للبلاد من القاهرة والإسكندرية بمظهره المعروف فما لبثنا أن رأيناهم ألبسوا الجيش المصري والشرطة المصرية قبعات كقبعات الإنجليز فلم تفقد الأمة في العاصمتين وفي داخل البلاد منظر جيش الاحتلال الذي ضرب الذلة على البلاد سبعين سنة فكأنهم لم يصبروا على أن يفقدوا مظهر الذل الذي ألفوه واستساغوه وربوا في أحضانه، وما رأيت مرة هذا المنظر البشع منظر جنودنا في زي أعدائنا وهيئتهم إلا تقززت نفسي وذكرت قول عميرة بن جعل الشاعر الجاهلي يذم قبيلة تغلب:
إذا ارتحلوا عن دار ضيم تعاذلوا ... عليهم وردوا وفدهم يستقيلها
انتهى كلامه رحمه الله تعالى.
وما ذكره رحمه الله تعالى من تشبه الجيش المصري والشرطة المصرية بالجيش الإنجليزي ليس هو مما انفرد به المصريون بل قد شاركهم فيه كثير من المسلمين والمنتسبين إلى الإسلام فألبسوا جيوشهم وشرطهم مثل لباس الإفرنج ولم يبالوا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: «من تشبه بقوم فهو منهم»، فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.