للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وجهة دلالته على ما نحن فيه: هو من حيث تنزيله، على ما لم يزل معلومًا من دخول الناس الحمامات عراة لغسل الأبدان والشعور، بل ربما بالغوا في التعرِّي بإبداء العورات، فقال الشرع: "احذروا بيتاً يقال له: الحمام"، أي: لأن العادة فيه جارية بانكشاف العورات، فلما قالوا له: ينقي الوسخ، قال: "استتروا"، يعني: استروا عوراتكم، وبعيد لهذا أن يعني: استروا أبدانكم، فإن ذلك غير معهود، ثم لم يصر معهوداً.

وليس استدلالنا هذا -متى استدللنا به فيما يأتي، مما يحتاج إليه فيه- استدلالاً بعمل، إنما هو استدلال بمتواتر لا يمكن المنازعة إلا في صحة وجوده (بحسب العلم) (١)، أو الظن الغالب المحتسب في مسائل الفقه.

ولم يكن كلامنا الآن في نظر الناظرين، فإنه لو كان في ذلك أمكن أن يعترض بأن يقال: هب كأنه يبدي بدنه، فمن أين يجوز النظر إليه ممَّن يحضره؟.

وإنَّما كلامنا في هذا الباب في بيان ما تُعبدنا بستره، وما لم نتعبد (بستره) (٢).

وفي الحديث النهي عن كشف العورة، من حيث أمره بسترها، والأمر في جواز إبداء الرجل ما عدا العورة قطعي، ولا خلاف فيه.


= فهؤلاء كلهم ثقات، كما ذكر ابن القطان وغيره من الحفَّاظ، فكان الحديث مع إرساله، صحيحًا، ووصله يوسف، عن يعلى، عن الثوري كما قال البزار، ولا اضطراب في ذلك، لأن انتشاره بين الناس وتفرد مَن حملوه هو الذي جعله يروى مرة مرسلاً، ومرة مسنداً.
(١) في الأصل: "بحسب فإذا العلم" والظاهر: "بحسب العلم" كما أثبته.
(٢) في الأصل "أسره"، والظاهر: "بستره" كما أثبته.

<<  <   >  >>