للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الجمع بين الروايتين -لو صحتا- أصحُّ مِن قَدح مَن قَدَحَ فيه بذلك،

ورآه اختلافًا فيه موهنًا له.

وقد ذكره البيهقي (١) فقال فيه: أصحابنا يحملونه على عورة الأمة، وقد روي فيه:

٧٤ - "إذا زوّج أحدكم أمته، فلا تنطر الأمة إلى شيء من ركبته (فإن ما) (*) بين السرة إلى الركبة عورة". قال: فالخبر في تحريم نظر المرأة الأمة إلى عورة سيدها بعدما زوَّجها. انتهى كلامه.

وهو به قادح في الرواية الأولى بالثانية، وجمعهما كما ذكرنا -لو صحتا- أصحُّ، وقد يدلّ على ذلك أيضًا حديث أبي سعيد: "لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة" (٢).

ولكن بتنزيل العورة على ما يُستحيى منه، كما قلناه قبل هذا.

ولو صحَّ حديث عمر في هذا، ثبت منه أن جميع بدنها عورة، وهو حديث يرويه:


(١) قال البيهقي بعد رواية وكيع: وهذه الرواية إذا قرنت برواية الأوزاعي، دلنا على أن المراد بالحديث نهي السيد عن النظر إلى عورتها إذا زوَّجها، وأن عورة الأمة ما بين السرة والركبة، وسائر طرق هذا الحديث يدل، وبعضها ينص على [أن] المراد به نهي الأمة عن النظر إلى عورة السيد بعدما زوجت، أو نهي الخادم من العبد أو الأجير عن النظر إلى عورة السيد بعدما بلغا النكاح، فيكون الخبر واردًا في بيان مقدار العورة من الرجل لا في بيان مقدارها من الأمة (٢/ ٢٢٦).
وبعض الققهاء اعتمدوا هذا الحديث رغم ضعفه، وقالوا بأن الأمة عورتها عورة الرجل، قال الجصاص في (أحكام القرآن: ٣/ ٣١٧): "فيجوز للأجنبي النظر إلى شعر الأمة وذراعها وساقها وصدرها وثديها" وهذا فيه كما لا يخفى فتح لباب الفساد، مع مخالفته لعمومات النصوص التي توجب على النساء الستر إطلاقًا، وعلى الرجال غض البصر.
(*) في الأصل: "وإنما"، والصواب ما أثبته.
(٢) تقدم ذكره.

<<  <   >  >>