للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتندفع دلالته بأن يقال: لا يمتنع أن يقع في الوجود إبداء امرأة وجهها: إما بسقوط ساترها، وإما عاصية بذلك، فيفاجئها جابر (١) أو غيره بنظرة يدرك بها منها (ما عرفنا وصفها به) (*)، وتسأل النبي - صلى الله عليه وسلم -، وتخاطبه، ويخاطبها.

ولكن من أين أنه نظر إليها حتى عرف منها أنها بادية الوجه باقية على ما كانت عليه؟ إذ لَمحُها جائز (٢) حتى لو قدرنا ذلك؛ فلقد كان من صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن نظره إلى الأرض، وأنه أشد حياء من العذراء في خدرها (٣).


= رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الصلاة يوم العيد, فبدأ بالصلاة قبل الخطبة، بغير أذان ولا إقامة، ثم قام متوكِّئًا على بلال، فأمر بتقوى الله، وحثَّ على طاعته، ووعظ الناس وذكَّرهم، ثم مضى حتى أتى النساء، فوعظهنَّ وذكرهنَّ، فقال: "تصدقن، فإن أكثركن حطب جهنم" فقامت امرأة من سطة النساء سفعاء الخدين فقالت: لمَ يا رسول الله؟ قال: "لأنكن تكثرن الشكاة، وتكفرن العشير" قال: فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن".
وروى البخاري الجزء الأول منه في: باب موعظة الإمام النساء يوم العيد: ٢/ ٤٦٦ (فتح)؛ وكذا أبو داود في باب الخطبة يوم العيد: ٢/ ٢٩ (مختصر)؛ وبلفظ مسلم رواه النسائي في كتاب صلاة العيدين، قيام الإِمام في الخطبة متكئًا على إنسان: ١٢/ ٨٦ - ١٨٧.
ومن جملة ما يُستفاد من الحديث في هذا الباب: استحباب وعظ النساء وتعليمهن أحكام ألإِسلام، وتذكيرهن بما يجب عليهن، وحثهن على الصدقة، وتخصيصهن بذلك في مجلس منفرد بشرط أمن الفتنة والفساد، وجواز خروجهن إلى المصلى، والتصدُّق من مالهن، من غير توقّف على إذن أزواجهن. وفي الحديث أيضًا: ما يدل على أن الصدقة تدفع العذاب لأنه أمرهن بالصدقة، ثمَّ علل بأنهن حطب جهنم، لما يقع منهن من نكران النعم وغير ذلك.
(١) في الأصل: "جائزة"، والصواب: "جابر" وهو راوي الحديث.
(*) في عبارة الأصل غموض، وهي: "ما فرقنا وصفًا لها به"ولعلها كما أثبتها.
(٢) في الأصل: "جائزة"، والظاهر: "جائز".
(٣) في الحديث المتفق عليه، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال: "كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها، فإذا رأى شيئًا يكرهه عرفناه في وجهه".

<<  <   >  >>