للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو حديث حسن، وابن إسحاق لم يُصَرّح بما قيل فيه، والخوض فيه طويل عريض .. وظاهر هذا الحديث: أنها كانت قد أسلمت من قولها في محاورتها: يا رسول الله!.

ولكن تندفع دلالته باحتمال ألا تكون أبدت وجهها بحضرته، كما أبدته حين رأتها عائشة، وليس في الخبر دليل على أنه رآها بادية الوجه فأقرَّها، وفيه دليل على أن زمان رؤية عائشة لوجهها غير زمان تكلُّمها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فإنها قالت: فلما قامت على الباب فكرهت مكانها، وعرفت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيرى مثل الذي رأيت؛ دلَّ على أنه لم يرها بعد، ولعله كان في صلاة أو غيرها، فإن ذلك كان والله أعلم في موضع استقرار.

وممَّا يمكن أن يستدلَّ به أيضًا:

٨٦ - حديث جابر في العيدين، فيه: فقامت امرأة من سِطة (١) النساء، سفعَاء (٢) الخَدَّين، فقالت: لمَ يا رسول الله؟ ... الحديث؛ ففيه أنَّ جابرًا أدرك من حديثها ما وصفها به، دل على بُدُوِّ وجهها بحضرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهي تخاطبه، وهو يخاطبها. ذكره مسلم (٣) -رَحِمَهُ اللهُ-.


= ويونس بن بكير، وأحمد بن خالد، كان صدوقًا من بحور العلم، وله غرائب في سعة ما روى تستنكر، واختلف في الإحتجاج به، وحديثه حسن، وقد صححه جماعة؛ قال أحمد بن حنبل: هو حسن الحديث، وقال ابن معين: ثقة، وليس بحجة، وقال النسائي: ليس بالقوي، وكذبه: سليمان التيمي وهشام بن عروة ومالك ويحيى القطان ووهيب, وقال الإمام الذهبي: "أحد الأعلام، صدوق قوي الحديث حسنًا". انظر ترجمته في: كتاب الجرح والتعديل: ٧/ ١٩١؛ الكاشف: ٣/ ١٨؛ المغني: ٢/ ٥٥٢؛ الميزان: ٣/ ٤٦٨؛ التقريب:
٢/ ١٤٤؛ تهذيب التهذيب: ٩/ ٣٨؛ لسان الميزان: ٧٠/ ٥٣١.
(١) في الأصل: "من وسطة"، والتصويب من "صحيح مسلم"، وقال النووي: "وفي بعض النسخ: واسطة النساء". قال القاضي: معناه: من خيارهن.
(٢) أي: في وجهها تغيُّر وسواد.
(٣) ذكره مسلم في صلاة العيدين: ٦/ ١٧٥، ولفظه: عن جابر بن عبد الله، قال: "شهدت مع =

<<  <   >  >>