للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يمكن أن يستدل به أيضًا:

٩٤ - حديث حذيفة، قال: كنَّا إذا حضرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طعامًا، لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيضع يده، وإنّا حضرنا معه مرة، فجاءت جارية كأنها تدفع، فذهبت لتضع يدها في الطعام، فأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدها، ثم جاء أعرابي: كأنما يدفع، فأخذ بيده، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشيطان ليستحلُّ الطعام, أن لا يذكر عليه اسم الله (١) .. وإنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها، فجاء (بهذا) (٢) الأعرابي ليستحل (به) (٣) فأخذت بيده؛ والذي نفسي بيده, إن يده في يدي مع يديهما". ذكره مسلم (٤) -رَحِمَهُ اللهُ-.

وفيه بحكم الظاهر: أنه (رأى يدها) (٥)، ولكن يرد عليه سؤالان:

أحدهما: يمكن الجواب عنه، وهو أن يقال: لعلها جارية لم تدرك، وهو أظهرها في جارية (كغلام) (٦). ويندفع هذا بأن يقال: لو كانت غير مكلَّفة ما صحَّ للشيطان الاستحلال بها، كما لا يصحُّ له ذلك بأن تأكل منه بهيمة، وإنما يستحل بأكل مكلَّف مخاطب بالتسمية على وجه الوجوب أو الندب، (فيتركها) (٧) عاصيًا كالأعرابي الذي في نفس الحديث.

والسؤال الثاني: أن يقال: لعلها كانت كافرةً، فلا يلزم حينئذ من الإنكار


(١) كذا في الأصل، وفي "صحيح مسلم": "أن لا يذكر اسم الله عليه".
(٢) في الأصل: "هذا"، والتصويب من "صحيح مسلم".
(٣) في الأصل: "بها"، والصواب ما أثبته.
(٤) رواه مسلم في آداب الطعام والشراب وأحكامها: ١٢/ ١٨٨؛ وفي رواية لمسلم: "كأنما يطرد"، وفي الجارية: "كأنما تطرد".
ورواه أبو داود بلفظه في باب التسمية على الطعام: ٥/ ٢٩٩ (مختصر).
(٥) في الأصل: "أراها"، والصواب ما أثبته.
(٦) في الأصل: "لغلام"، والظاهر ما أثبت.
(٧) في الأصل: "فيرتلها"، والظاهر ما أثبت.

<<  <   >  >>