للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي هذا الإِجماع الذي حكاه نظر في الموضعين: أما قوله: "إن الأمة ليس منها عورة إلا ما من الرجل" فإن مالكًا رَحمه الله قد روي عنه في كتاب "الموازية" (١) قال: ولا يعجبني خروج الجواري للأسواق بالمشارب، ورآه من الباطل.

وروى عنه أشهب: أنه كره خروج الأمة متجرِّدة؛ قال: وتضرب (عليه) (٢).

وروى عنه: أنه أنكر ما تفعل الجواري بالمدينة؛ يخرجن فيكشفن ما فوق الإزار، قال: وقد كلمت فيه السلطان، فلم أجب إلى ذاك، وقال: أضرب الأمة على ذلك.

وذكر أبو حامد الغزالي في مسألة النظر إلى الأمة قولين لهم: قولًا بجواز النظر إليها، وأنها من المستثنيات، وقولًا بأنها كالحرة لا ينظر إليها إلا لحاجة الشراء. قال: وهو القياس.

فهذا قد حكى القول بأنها كالحرة في جواز النظر إليها، وهذا يناقض الإِجماع الذي حكى ابن عبد البر في أنها كالرجل فيما هو منها عورة، فإنه [على] (٣) ما حكاه من الإِجماع يجوز النظر إلى وجهها وصدرها وعنقها، وكل ما يجوز نظر الرجل إليه من الرجل.


= يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ}، فأمر النساء بالحجاب، ثم أُمرن عند الخروج أن يُدنين عليهن من جلابيبهن، وهو القناع، وهو عند جماعة من العلماء في الحرائر دون الإماء". يُفهم من كلامه هذا أنه لم يقع الإجماع من العلماء -كما حكاه عنه ابن القطان- على أن الأمر بالاحتجاب موجه للحرائرَ دون الإِماء، وإنما هو رأي جماعة من العلماء -كما صرح بنفسه- وعلى هذا فيكون مراده بالإجماع هنا ما ذهب إليه جمهور العلماء، لا الإِجماع الذي لا خلاف فيه، تأمله، والله أعلمَ.
(١) لمحمد بن إبراهيم الإسكندري المعروف بـ "ابن المواز" وهو أجلُّ كتاب ألّفه المالكية وأصحه مسائل، وقد رجَحه القابسي على سائر أمهات المذهب المالكي. انظر كتاب: "مسائل لا يعذر فيها بالجهل على مذهب الإمام مالك".
(٢) في الأصل: "عنه"، والصواب: "عليه"، وكذا في "المختصر"، وفي الخطاب من رواية أشهب عن مالك. انظر: ١/ ٥٠١، عند قول خليل: "ولا تطلب أمة بتغطية رأس".
(٣) لا توجد في الأصل، ولعلها سقطت منه.

<<  <   >  >>