للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعلى القول بأنها كالحرة في جواز النظر إليها، لا يجوز النظر إلى بطنها

ولا صدرها ولا عنقها، فمن جعلها كالحرَّة يحرم عليها إذًا أن تبدي (قرطها) (١) كما لا تبديه الحرة.

ومَن جعلها كالرجل (أجاز) (٢) لها أن تُبدي ذلك كما يبديه، فتبين أن الإجماع ليس بصحيح. ومعلوم أنَّ أبا عبد البر إذا حكى الإِجماع، فما يحكيه بنقل متصل إلى المتعين به وإنما هو بتصفحه، والتصفح أكثر ما يحصل عنه فى هذا الباب عدم العلم بالخلاف فيه.

ولننظر الآن في الدعوى الأخرى التي بيَّن أن الآية لم يرد بها الإِماء إجماعًا، فنقول:

قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: ٥٩].

الجلابيب: جمع جلباب، وهو ثوب أكبر من الخمار، وقيل: هو الرداء.

(وللمفسرين) (٣) في هذه الآية ما نذكره، وذلك أنهم يزعمون أنَّها جاءت للفرق بين الحرائر والإِماء، قالوا (٤): كان سبب نزولها: أن النساء كن يخرجن فى حاجاتهن بالليل، فيظن المنافقون (أنهنَّ) (٥) إماء، فيؤذونهن، فنزلت الآية.


(١) في الأصل: "قصها"، ولعل الصواب: "قرطها"، وهو ما تعلِّقه المرأة في أذنها للتجميل والزينة.
(٢) في الأصل: "فجاز"، والظاهر: "أجاز" كما أثبته.
(٣) في الأصل: "وللمعبرين"، والظاهر: "وللمفسرين". والمعبر: لمن يفسر الرؤى.
ويُقال لعلماء التفسير: علماء التأويل، ولم أجد من يطلق عليهم، علماء "التعبير"، ولهذا الاعتبار رجحت كلمة: "المفسرين" على "المعبرين" الواردة في الأصل: فأثبتها.
(٤) ومن الذين رووا هذا: ابن جرير الطبري في تفسيره عن أبى صالح: ٢١/ ٣٤ (من المجلد ٨)؛ وابن كثير عن السدي: ٥/ ٥١٦. وفي الأصل: "قال"، والظاهر ما أثبته.
(٥) في الأصل: "أنهم"، والصواب: "أنهن".

<<  <   >  >>