للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيكون معناها على هذا التقرير في ألبسة من الإِماء حتى يُعرف أنهن إماء فلا يؤذين، وروي هذا المعنى عن الحسن البصري، قال: كان بالمدينة إماء يقال لهن: كذا وكذا، يخرجن فيعرض لهن السفهاء فيؤذونهن، وكانت المرأة الحرة تخرج فيحسبون أنها أمة، فيعرضون لها ويؤذونها، فأمر الله تعالى المؤمنات أن يُدنين عليهن من جلابيبهن، ذلك أدنى أن يُعرفن فلا يُؤذَين (١).

وبهذا جاء حديث أم سلمة الذي تقدَّم الآن ذكره (٢): لما نزلت: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ .. .}: خرج نساء الأنصار كأن على رؤوسهن الغربان من الأكسية.

١٢٠ - وروى ابن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة، عن غير واحد: أن عمر بن

الخطاب - رضي الله عنه - بينما (هو) (٣) يسير في السوق، مرَّ على امرأة محترمة بين أعلاج قائمة تسوم بعض السلع، فجلدها، فانطلقت حتى أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله! جلدني عمر بن الخطاب على غير شيء! فأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عمر، فقال: "ما حملك على جلد بنت عمك؟ " فأخبره خبرها قال: وابنة عمي هي؟ فأنكرتها يا رسول الله! إذ لم أرَ عليها جلبابًا، وظننت أنها وليدة، فقال الناس: الآن ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيها، فقال: "يا عمر، وما نجد (لنسائنا) (٤) جلابيب؛، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ .. .} الآية (٥).


(١) روى هذا اللأثر بمعناه السيوطي في "الدر المنثور"، وعزاه إلى ابن سعد يرويه عن الحسن: ٥/ ٢٢٢.
(٢) تقدم تخريجه، تحت رقم: (٢) صفحة (٢١٤)، الحديث (١٠٩). انظره.
(٣) في الأصل: "نحن"، والصواب: "هو".
(٤) في الأصل: "اسابا" والصواب: "لنسائنا"، وكذا في: أحكام القرآن، لابن العربي.
(٥) ذكر الحديث ابن العربي في كتابه: أحكام القرآن: ٣/ ١٨٥، ولفظه: "روي: أن عمر - رضي الله عنه - بينما هو يمشي بسوق المدينة مرَّ على امرأة محترمة بين أعلاج قائمة تسوم بعض السلع، فجلدها، فانطلقت حتى أتت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله! جلدني عمر بن الخطاب على غير شيء رآه مني، فأرسل إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "ما حملك على جلد ابنة عمك؟ " فأخبره خبرها، فقال: وابنة عمي هي يا رسول الله؟ أنكرتها إذ لم أرَ عليها =

<<  <   >  >>