للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذا كل ما ذُكر في الآية، مما يؤول إلى الفرق بين الحرة والأمة، وليس في شيء منه معتمد [لعدم الصحة في جميعه] (١).

والآية بلفظها دالة عليه (٢)، بل هي عامة في نساء المؤمنين، وبلا شك أنهن حرائر وإماء، أزواج العبيد وسراري، وأزواج الأحرار وسراري كذلك.

والقول بأن الآية لم يعنَ بها الإِماء يحتاج إلى دليل مخصوص، ودعوى الإِجماع في أنها لم يعنَ بها الإِماء مبنية على دعوى الإِجماع في أن الأمة ليست كالحرة، وقد بينّا بطلان ذلك.

وقد قال بعض الناس (٣): إنما كان بالمدينة قوم يجلسون على الطرق؛ لرؤية النساء ومعارضتهن، فنزلت الآية.

فعلى هذا لا فرق بين الحرائر والإِماء (في) (٤) الآية، وإنما معناها [الأمر] (٥) بالتستر والتعفف، فلا يعرض لهن بأذى إذا عرفن قد قصدن التستر، بخلاف المتبرجات بالزينة، المتعرضات لأهل الفسوق.

هذا هو الذي ليس في الآية مزيد عليه، أما ما يسترن من أنفسهن، أو يُبدين من زينتهن، فغير متعرض له، ونساء المؤمنين بلا ريب يعم الحرائر والإِماء، فإن المؤمنين منهم العبيد، ولهم الأزواج، ومن الأحرار مَن له الأمة


= جلبابًا فظننتها وليدة، فقال الناس: الآن ينزل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال عمر: وما نجد لنسائنا جلابيب، فأنزل الله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ .. .} الآية".
(١) في الأصل: "في عدم جميعه من الصحة"، ولعل الصواب ما أثبته.
(٢) أي: على الأمر بالتستر والتعفف.
(٣) روى ابن جرير في تفسيره عن أبي صالح هذا المعنى: ٢٢/ ٣٤؛ والسيوطي في "الدر المنثور"، كذلك عن محمد بن كعب القرظي، وعن الكلبي ومعاوية بن قرة: ٥/ ٢٢١.
(٤) في الأصل: "من"، والصواب ما أثبت.
(٥) لا توجد في الأصل، ولعلها سقطت منه، والسياق يقتضي زيادتها.

<<  <   >  >>