للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمتمكن الذكر من ذلك هو ما ذكر (عن) (١) مالك في "موطئه": أنه بلغه:

١٢١ - "أن أمة كانت (لعبد الله) (٢) بن عمر بن الخطاب، رآها عمر وقد تهيَّأت بهيئة الحرائر، فدخل على ابنته حفصة، فقال: ألم أرَ جارية أخيك تجوس (٣) الناس، وقد تهيأت لهيئة الحرائر؟! وأنكر ذلك" (٤).

هذا نصُّه، وليس بصحيح، ولا فيه أكثر من إنكاره عليها أن تتزيَّا بزي يظن يها من أجله أنها حرة، لم ينسب إليها- ما يرى من قلة استحيائها - التبرج على أنها حرة، فأدبهن - رضي الله عنه - ليعرفن بين الرقيق. أما ما يبدين أو يسترن؛ فما نراه مذكورًا فيه.

وقال أبو بكر بن المنذر: ثبت أن عمر بن الخطاب قال لأمة رآها مقنعة: "اكشفى عن رأسك لا تتشبهي بالحرائر" (٥) وهذا أيضًا كذلك.

ولنقل بعد الإنتهاء إلى هاهنا: إنَّا قد فرغنا من بيان بطلان دعوى الإِجماع في أن لأمة مخالفة للحرة، وفي أن الآية لم يعنَ بها الإماء، ووجب أن ننظر ما الصحيح في أمر الإماء، فنقول:


(١) في الأصل: "في"، والصواب ما أثبت.
(٢) في الأصل: "لعبيدة"، والصواب: "لعبد الله" كما في "الموطأ".
(٣) تتخطَّى الناس وتختلف عليهم، وتكون بالحاء المهملة، يقال: فلانة تحوس الرجال، أي: تخالطهم.
(٤) رواه الإمام مالك في الموطأ، باب ما جاء في المملوك وهبته: ٣/ ١٤٦ - ١٤٧، ولفظه: حدثنى مالك أنه بلغه "أن أمة كانت لعبد الله بن عمر بن الخطاب، رآها عمر بن الخطاب وقد تيأت بهيئة الحرائر، فدخل على ابنته حفصة، فقال: ألم أرَ جارية أخيك تجوس الناس وقد تهيأت بهيئة الحرائر؟! وأنكر- ذلك عمر".
(٥) وأخرج السيوطي في "الدر المنثور" مثله عن ابن أبي شيبة، وعبد بن حميد. انظر: ٥/ ١٢١.

<<  <   >  >>