للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في حق ابن [أم] (١) مكتوم الأعمى، فلا نظنها إلا أنها فهمت فهمًا صحيحًا عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما نقلت إلينا بفعلها وقولها، من جواز البدو للعبد، والله الموفق.

فإن قيل: فلِمَ لَمْ تستدلَّ بهذا المعنى بحديث فاطمة المتقدم الذكر، حين قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا بأس عليك إنما هو أبوك وغلامك" (٢)، وكان رآها


= الفتح: ٩/ ٣٣٧، وقال: وأكثر ما علل به انفراد الزهري بالرواية عن نبهان، وليست بعلة قادحة، فإن مَن يعرفه الزهري ويصفه بأنه مكاتب أم سلمة، ولم يجرحه أحد لا ترد روايته، وجمع بينه وبين حديث عائشة الَّذي قالت فيه: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد ... ".
وقال النووي في (شرح مسلم: ١٠/ ٩٧): وهذا الحديث حديث حسن، رواه أبو داود والترمذي وغلرهما. قال الترمذي: هو حديث حسن، ولا يلتفت إلى قدح مَن قدح فيه بغير حجة معتمدة؛ فقال الإمام المزى في (تهذيب الكمال: ٣/ ٧٠٣): نبهان القرشي المخزومي أبو يحيى المدني مولىَ أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، ذكره ابن حبان في الثقات، ثم ساق إسناده الطويل إلى أم سلمة، ثم ذكر هذا الحديث وحديثًا آخر، وهو أيضًا من حديث أم سلمة، قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا كان لأحدكم مكاتب وكان عنده ما يؤدي عنه فلتحتجب عنه" أخرجوه من حديث سفيان بن عيينة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وأخرجه الترمذي من وجوه أخرى. انتهى كلام المزي. يفهم من كلامه: أنَّه يحتج بهذه الأحاديث التي رواها في ترجمة نبهان المخزومي، ويرى أن نبهان مولى أم سلمة ثقة يُحتج بحديثه. وفي (الكاشف: ٥/ ١٧٥): قال الإمام الذهبي في ترجمة نبهان: عن: مولاته أم سلمة، وعنه: الزهري، ومحمد بن عبد الرحمن، ثقة.
وأورد ابن كثير نبهان هذا في تفسيره: ٥/ ٨٨، وقال: واحتج به كثير منهم على معناه، وهو أنَّه لا يجوز للمرأة النظر إلى الرجال الأجانب بشهوة، ولا بغير شهوة أصلًا.
والمخالفون يرون جواز نظرهن إلى الأجانب بغير شهوة، لما ثبت في الصحيح عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: "رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يسترني بردائه وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون في المسجد ... " الحديث، وما ذهب إليه الحافظ ابن حجر في الفتح من الجمع بين حديث نبهان عن أم سلمة، وحديث عائشة هذا محتمل، والأخذ به أولى من طرح حديث نبهان بعلة لم يعتبرها العديد من المحدثين علة قادحة، تأمله، والله أعلم.
(١) في الأصل: "ابن مكتوم"، والصواب: "ابن أم مكتوم" الصحابي المشهور.
(٢) انظر: التعليق رقم (٢)، ص: ٢٣٨.

<<  <   >  >>