للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأما اعتبار مالك -رَحِمَهُ اللهُ- في هذه المسألة: أن يكون العبد وَغدًا، فإنه (مستقرأ) (١) من متقرر العادات، فإن ميل النفوس إلى ذي المنظر أكثر، فإن منظره محرك، فلذلك رأى أن لا تبدو له إذا كان له المنظر، لئلا يتفق لنفسها عُلُوق، (ولا يخاف) (٢) عليها ذلك في الذي لا (يُؤْبهُ له) (*) ممَّن لا أرب لها فيه في أغلب الأحوال، كأنه -رَحِمَهُ اللهُ- خصص الآية بما فهم من مقاصد الشرع، في مصادره وموارده.

والأظهر: الإستمساك بظاهر الآية (٣) عمومًا، وعليها أن تعبد الله كأنها تراه: فإن لم تكن تراه فإنه يراها.

فإن قيل: فما معنى أمره تعالى بالاستئذان في قوله -عَزَّ وَجَلَّ- {لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ} [النور: ٥٨]، أليس هذا دليلًا على أن العبد يحذر منه أن يراها؟ فإذًا لا تبدو له (ولذلك أمر) (**)

بالإستئذان.

قلنا: أما أنه ينبغي له أن يحذر رؤية العورات، ويحذر منه أن يراها، فنعم، فلقد حذر ذلك من الصبي الَّذي لم يبلغ الحلم، واستوى في هذه سيده وسيدته؛ فالآية في الحقيقة أدل على ما قررناه على نقيضه، والله أعلم.

(٣٥) - مسألة: إذا ثبت جواز يدو المرأة لعبدها، إنما تبدو له ولمن ذكر في الآية، وجب النظر فيما إذا كانت لا زوج لها، والعبد وَغد، كما تقدم، أما إذا كان مَنْظَرَانِيًّا، فالأمر أشد عند مالك منه فيما إذا كانت ذا زوج، وأولى


(١) في الأصل: "مستمر"، ولعل الصواب: "مستقرًا".
(٢) في الأصل: "بحب يخاف"، ولعل الصواب: "ولا يخاف".
(*) في الأصل: "بوبه له"، والظاهر ما أثبت.
(٣) قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [التور: ٣١].
(**) في الأصل: "وكذلك ما أمر"، والظاهر ما أثبته.

<<  <   >  >>