للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أعتقني الله، قالت: بارك الله لك، وأرختِ الحجاب دوني؛ فلم أرها بعد ذلك اليوم (١).

قلنا في الجواب: هذا لم يصحَّ، فإن عبد الملك بن مروان بن الحارث بن أبي ذباب مجهول الحال، ولا يعرف روى عنه غير جعيد، وجعيد ثقة، وكلاهما مدني، فإذا لم يصحَّ كفينا مؤونته، ولو صحَّ احتمل أن يكون لها مذهب، في قوله-عَزَّ وَجَلَّ-: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ} [النور: ٣١]، أنهن المماليك (٢) لهن ولغيرهن، ولو ذهب إلى ذلك ذاهب أبعد، ولم يكن ما ذهب إليه صحيحًا، والله أعلم.


(١) رواه النسائي في سننه، باب مسح المرأة رأسها: ١٠/ ٧٢ - ٧٣، ولفظه: أخبرنا الحسين بن حريث، قال: حدثنا الفضل بن موسى، عن جعيد بن عبد الرحمن، قال: أخبرني عبد الملك بن مروان بن الحارث بن أبي ذباب، قال: أخبرني أبو عبد الله سالم سبلان، قال: "وكانت عائشة تستعجب بأمانته وتستأجره، فأرتني كيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، فتمضمضت واستنثرت ثلاثًا، وغسلت وجهها ثلاثًا، ثم غسلت يدها اليمنى ثلاثًا واليسرى ثلاثًا، ووضعت يدها في مقدم رأسها، ثم مسحت رأسها مسحة واحدة إلى مؤخره، ثم أمرت يدها بأذنيها، ثم مرت على الخدين، قال سالم: كنت آتيها مكاتبًا ما تختفي مني فتجلس بين يدي وتتحدث معي، حتى جئتها ذات يوم فقلت: ادعي لي بالبركة يا أم المؤمنين! قالت: وما ذاك؛ قلت: أعتقني الله، قالت: بارك الله لك، وأرخت الحجاب دوني، قلم أرها بعد ذلك اليوم".
وقوله: "كنت آتيها مكاتبًا" مبني على أن المكاتَب عبدما بقي عليه درهم، ولعله كان عبدًا لبعض أقربائها، وكانت ترى جواز دخول العبد على سيدته وأقربائها. انظر: حاشية الإِمام السندي في سنن النسائي: ١/ ٧٣.
(قال أبو محمود: ضعف المصنف عبد الملك بن مروان بن أبي ذباب بالجهالة على قاعدته، ووثقه ابن حبان على قاعدته، وجعله ابن حجر من درجة مقبول، ومثل هذا الحديث لا يترك بل يحسّن، والله أعلم.
ونحن نذهب إلى توجيه المصنف وتخريج دلالته، وليس إلى ضعفه والاستراحة من مؤنته، لا سيما وفي الحديث: وكنت آتيها مكاتبًا ما تختفي مني فتجلس بين يدي وتتحدث معي ...).
(٢) في الأصل: "الممالكية"، والظاهر ما أثبته.

<<  <   >  >>