للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مقول، فإن قائله يمكن أن يكون اعتقد في غير أولي الإِربة، أن معناه: لا غرض له إلا تتبعٌ لما يصيب من طعام ومرفق، ولم يعتقد في غير أولي الإِربة: أنه عدم الإرب في النساء، إنما اعتقد: أنه غير ذي إرب، من: الآراب في شيء من الأشَياء لا الاتباع للمرافق، أمَّا أنَّه صحيح الشهوة، أو غير صحيحها؛ فلم يعرض له، وسببه: أن يتوهم أنه معنى قول مجاهد في رواية ابن أبي نجيح عنه، حيث قال: "هو الذي يريد الطعام ولا يريد النساء" (١)، وقول قتادة: "هو الذي يتبعك (يصيب) (٢) من طعامك"، ليس له في النساء حاجة.

وهذا القول باطل؛ فإن المخنث المذكور الذي عدوُّوه من غير أولي الإِربة؛ إنما يحسن حين يخيل فيه أنه يشعر بما يشعر به الرجال؛ فالقول الصحيح هو الأول على ظاهر الآية، والله أعلم.

(٥٢) - مسألة: أما الطفل الذي لا يعرف المبتغى من النساء مما يجوز لها إظهار الزينة له، ولا يجب عليها التستر مما عدا العورة مثه، أما العورة فقد أمرنا بسكتوها عن الأبصار، وقيل لنا: إذا كان أحدكم خاليًا، فالله أحق أن يُستحيى منه من الناس (٣)، والمرأة في ذلك كالرجل أو أشد، فإذا كانت بهذا منهية عن إبداء عورتها في الخلوة بغير ضرورة، فبحضرة صبي من باب أولى وأحرى.

(٥٣) - مسألة: من الأطفال مراهقون للبلوغ، قد فهموا محاسن النساء، وقاربوا بلوغ الشهوة، هل يجوز للمرأة من إبداء خفي زينتها لهم ما جاز لها من ذلك إلى مَن ليس مراهقًا؟ اختلف في هذا:


(١) ذكر ابن جرير الطبري هذه الرواية في تفسيره بلفظها. انظر: ١٨/ ٩٦.
(٢) كذا روى ابن جرير في تفسيره عن قتادة: ١٨/ ٩٦، وفي الأصل: "يطلب من طعامك".
(٣) انظر: التعليق رقم (٤)، في الفصل الأول من الباب الثاني، ص: ١٢٢.

<<  <   >  >>