للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيقال: كيف منعت أم سلمة أن يدخل عليها الغلام الذي لم يبلغ والفطيم؛

وهي تتلو: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} [النور: ٣١]؛ وكيف لم تحتج عليها عائشة فيما منعتها من القول به، من جواز دخول الغلام الأيفع بقوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ}؛

الجواب عن هذا: أن نقول: إن أم سلمة - رضي الله عنها - لم تذهب إلى تحريم ذلك، ولا إلى كراهته من جهة الشرع، وإنَّما أخبرت عن استثقالها إياه بطبعها، فقالت لها عائشة: قد أجاز الشرع ذلك .. على حدِّ ما يقول الإِنسان: والله ما يخفى علي، ولا تطيب نفسي أن (أجيزه) (*) في حقِّي، فيقال له: لقد أجاز الشرع ما هو أشد من ذلك، مما يدلُّ على جوازه: وهو أن يقتصر في الوضوء على مسح [الخفين] (١) بدلًا من غسل الرجلين، لئلا يتكلَّف أن ينزعهما، فكيف لا يكون جائزًا أن لا ينزعهما في الصلاة، هكذا ذكرت لها عائشة الغاية في الإستدلال على جواز ذلك بقصة سالم في رضاعته من سهلة، وهو كان ذا لحية إذ ذاك: كأنها تقول: فإذا كان هذا جائزًا بالشرع، فما معنى الحزاز في القلب بعد إجازة الشرع إياه، ألا ترين أن الشرع لما أجاز لسهلة من أمر سالم ما أجاز، لم ينبغِ لها أن تستثقل ذلك، وهو بلا شك: أثقل وأشنع مما له استشنعت من دخول الغلام (الأيفع) (٢) الذي لم يظهر بعد من النساء على عورة، والقول في رضاع الكبير ليس هذا موضعه، والله الموفق.

(٥٤) - مسألة: هل يجوز للمؤمنة أن تبدي زينتها للكافرة؟.

هذا موضع نظر واختلاف بين العلماء، مبني على الإختلاف في معنى قوله -عَزَّ وَجَلَّ-: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} [النور: ٣١].


(*) في الأصل: "ضل"، والظاهر ما أثبت.
(١) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، والسياق يقتضي زيادته، وفيه: "مسحها".
(٢) في الأصل: "أن لا يقع"، والصواب: "الأيفع"، كما أثبت؛ وهو الذي قارب البلوغ ولم يبلغ.

<<  <   >  >>