للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فروي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - المنع من ذلك، وكتب إلى أبي عبيدة بن الجراح: بلغني أن نساء أهل الذمة يدخلن الحمام مع نساء المؤمنين، فامنع من ذلك وحُلّ دونه، فإنه لا يجوز أن ترى الذمية عُريَّة المسلم. قال: فعند ذلك قام أبو عبيدة فابتهل وقال: أيما امرأة تدخل الحمام من غير عذر لا تريد إلا أن تبيض وجهها، سوَّد الله وجهها يوم تبيضُّ الوجوه (١).

وارتضى أبو حامد الغزالي التسوية بين المؤمنة والذمية الكافرة في جواز ظهور المرأة لهما.

والأظهر عندي: المنع لقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ} [النور: ٣١] وهذا نهي مطلق عن الإبداء، لم يخصص أحدًا من أحد، استثني من ذلك [أمران] (٢):

أحدهما: الظاهر من الزينة.

والآخر: البعولة وآباؤهن، والأبناء وأبناء البعولة، والإِخوة وأبناؤهم، وبنو الأخوات، ونساء المؤمنات المخاطبات بهذا النهي، وما ملكت أيمانهن، والتابعين غير أولي الإِربة، والأطفال.


(١) رواه ابن جرير الطبري في تفسيره: ١٨/ ٩٥، فقال: حدثنا عيسى بن يونس، عن هشام، عن عبادة قال: كتب عمر بن الخطاب إلى أبي عبيدة بن الجراح رحمة الله عليهما: أما بعد، فقد بلغني أن نساء يدخلن الحمامات ومعهن نساء أهل الكتاب، فامنع ذلك وحُلّ دونه، قال: ثم إن أبا عبيدة قام في ذلك المقام ممتثلًا فقال: أيما امرأة تدخل الحمام من غير علة ولا سَقَم تريد البياض لوجهها؛ فسود الله وجهها يوم تبيض الوجوه. وعزا السيوطي في (الدر المنثور: ٥/ ٤٣) إلى سعيد من منصور والبيهقي في سننه وابن المنذر ما لفظه: عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: أنه كتب إلى أبي عبيدة: أما بعد، فإنه بلغني أن نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمامات مع نساء أهل الشرك؛ فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر إلى عورتها إلا أهل ملتها.
(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل، والسياق يقتضيه.

<<  <   >  >>