(١) حكى ابن العربي (٢/ ١٠٢) في هذه المسألة قولين: أحدهما: أنه جميع النساء، والثاني: أنه نساء المؤمنين، فأما الذمية فلا ينبغي أن تكون المسلمة مبدية لها زينتها ... وحكى القولين أيضًا: فخر الدين الرازي في تفسيره، وذكر أن القول بأن المراد: نساء المؤمنين هو مذهب أكثر أهل السلف والقول بأنه جميع النساء هو المذهب، وقول السلف محمول على الإستحباب والأولى. انظر: ١٢/ ٢٠٨. ولتقرير ما في المذهب، قال الشيخ زروق في (شرح الرسالة: ١/ ٩٨): "والمرأة مع مثلها كالرجل مع مثله وإن كتابية على المشهور". وذهب القرطبي في تفسيره إلى خلاف ما استقر عليه المذهب، فقال في تفسيره: ١٢/ ٢٣٣، عند قوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}: يعني المسلمات، وتدخل في هذا الإماء المؤمنات، ويخرج منه نساء المشركين من أهل الذمة وغيرهم، فلا يحل لامرأة مؤمَنة أن تكشف شيئًا من بدنها بين امرأة مشركة إلا أن تكون أمة لها، فذلك قوله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ}. وقال ابن كثير في (تفسيره: ٥/ ٩٠): وقوله: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} يعني تظهر بزينتها أيضًا للنساء المسلمات دون نساء أهل الذمة، لئلا تصفن لرجالهن، وذلك وإن كان محذورًا في جميع النساء، إلا أنه في نساء أهل الذمة أشد، فإنهن لا يمنعهن من ذلك مانع، فأما المسلمة فإنها تعلم أن ذلك حرام فتنزجر عنه. قلت: روى البخاري ومسلم عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تباشر المرأة المرأة تنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها" .. ولهذه العلة كتب عمر إلى أبي عبيدة ليمنع نساء المؤمنين من التجرد بين نساء أهل الذمة، والله أعلم.