للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٥٥) - مسألة: المرأة المؤمنة هل يجوز لها أن تبدي للمرأة المؤمنة الأجنبية من جسدها ما ليس بعورة، كالصدر والعنق والبطن والظهر ومراق البطن، أم لا؟.

هذا موضع خلاف أيضًا، فمن العلماء مَن يقول: يجوز أن ترى منها ما يراه الرجل من الرجل، ومنهم مَن يقول: لا يجوز، وهي عورة كلها في حق المرأة كما هي في حق الرجل، فلا يجوز لها أن تظهر لرجل ولا لامرأة، هذا مذهب القاضي أبي محمد عبد الوهاب (١) بن نصر المالكي في "شرح الرسالة"،

وعلى هذه المسألة انبنى الخلاف في دخولهن الحمام (مستورات) (٢) العورات، إذ لا يجوز إبداء العورة أصلًا، ومنهم مَن يقول: إنما يجوز لها أن تبدي لها، ما تبدي لذوي محارمها من الزينة ومواضعها، وذلك الوجه والكفّان والقدمان سواء كانت المنظور إليها: المبدية لذلك من نفسها حسناء مشتهاة، أو غير حسناء.

فأما مَن أجاز لها من ذلك ما يجوز للرجل من الرجل، فيشبه أن يتعلق بقوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ}، فيعتقد فيه أن معناه: النساء المؤملات، على ما تقدم في المسألة التي قبلها (٣)، فيقول: يجوز لها أن تبدي من نفسها للمرأة المؤمنة ما شاءت، ويمنع هذا عليه بأن يقال: ليس في الآية [ما يشير


(١) عبد الوهاب بن علي بن نصر بن أحمد: الفقيه المالكي العراقي، كان حسن النظر، جيد العبارة، تولى القضاء في أماكن بالعراق، خرج في آخر مرة إلى مصر فمات بها، تفقه على أبي الحسن بن القصار وأبي القاسم بن الجلاب والقاضي أبي بكر الباقلاني وغيرهم، له مؤلفات كثيرة؛ منها: "شرح الرسالة" الذي أشار إليه ابن القطان هنا، وكتاب "التلقين"، وكتاب "شرح
المدونة" لم يتم، وكتاب "النصرة لمذهب إمام دار الهجرة" وغيرها. انظر: المدارك: ٤/ ٦٩١.
(٢) كذا في "المختصر"، وفي الأصل: "مسترات".
(٣) إشارة إلى القول الذي ذهب إليه أكثر أهل السلف من أن المراد بقوله تعالى: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} النساء المؤمنات اللاتي هن على دينهن.

<<  <   >  >>