للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والذي روي عنه مرفوعًا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - نصُّه:

١٨١ - "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحبُّ أن ينظر إلى الخضرة، والماء الجاري" (١).

فليس له مدخل في هذا الباب، وما منها شيء صحيح.

والقول الأول أظهر في حق الخائف، العديم من نفسه بالتحرُّك؛ لأنه الجاري على نظام الشرع في تحريم النظر. قال الله -عَزَّ وَجَلَّ-: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [النور: ٣٠].

وقد قلنا: إن من المتيقَّن: أن النظر إنما حرم في محل الإِجماع حذرًا من الفتنة، كما حرم الزنى حذرًا من اختلاط الأنساب، وشرب الخمر توقيرًا للعقل، فإذا كان كذلك وجب غض البصر على كل خائف وحرم عليه أن يرسل طرفه في مواقع الفتن، فإنه إذا فعل ذلك رأى الذي لا كُلّه هو قادر عليه، ولا عن بعضه هو صابر، وصار الغلمان في حقه حينئذ بمثابة النساء في حق الغَزل المُولع بهن -فيجب أن يحرم عليه من النظر إليهم ما يحرم على الآخر من النظر إليهن بلا فرق، وعلى توقير ذلك والحذر منه درج العلماء وأهل الفضل منهم.


= وأورده الحافظ السخاوي أيضًا في المقاصد مرفوعًا، من حديث أبي هلال الراسبي، عن عبد الله بن بريدة، عن أبيه: "النظر إلى الخضرة يزيد في البصر، والنظر في الماء يزيد في البصر، والنظر إلى الوجه الحسن يزيد في البصر".
ثم قال: وآخرها عند القضاعي في مسنده، ص: ١٦٩.
قال محقق "المقاصد": بل رواه القضاعي بلفظ: "النظر إلى الخضرة يزيد في البصر، والنظر إلى المرأة الحسناء يزيد في البصر" ثم قال: وللحديث طرق كلها واهية.
(١) هذا الحديث أيضًا ذكره الحافظ السخاوي من حديث القاسم بن مطيب، عن منصور بن عبد الرحمن، عن أبي سعيد، عن ابن عباس: "أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - كان يحبُّ أن ينظر إلى الخضرة وإلى الماء الجاري"، ص: ١٦٩.

<<  <   >  >>