للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتوقف، فإن من الإِماء من هي أحسن من كل حرة تراها عين، والإِطلاق للرجال على النظو إلى محاسنهن (معناه) (١) مخالفة المتقرر شرعاً من وجوب مراعاة صيانة النفس بغضِّ البصر عمَّا يجلب إليه الهوى.

فإن قلت: هذا [يعارض] (٢) لما لم يزل معتصداً إياه في كل مَا مَرَّ مِن أنه: متى جاز الإِبداء جاز النظر، وما جاز إبداؤه جاز النظر إليه.

وهنا قلت: إن الأمة يجوز لها أن تبدي من نفسها أكثر مما تبديه الحرة، ولا يجوز للرجل أن ينظر منها إلا إلى ما ينظر إليه من الحرة.

فالجوابا أن نقول: إنما أثبتنا ذلك الأصل بقول مطلق، وهو: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ} [المائدة: ٢].

فمَن أجاز الإِبداء أجاز النظر؛ فإنه لو حرم كان الإِبداء إعانة على الإِثم، وهذا القول المطلق على تقييده في موطن أو مواطن بأَدِلَّة مقيدة إن وردت، وهذا المكان من ذلك فإنا إن أبحنا للرجل النظر إلى غير الوجه والكفين من صدر أو عنق من جارية كالبدر، فقد خالفنا مقطوعاً به، وأرسلنا البصر حيث أمر بِغَضِّه، وتعرضنا للفتن أكثر من تعرضنا لها (بالنظر) (٣) إلى ذلك من الحرة الشوهاء الهزيلة التي قد حرم النظو (إليها كلذلك) (٤) هاهنا: وهذا النوع من النظر [من] (٥) حكاه يكون فظيعاً.

فإن قيل:

٢١٣ - فقد روى أنس بن مالك في قضية صفية: أنهم قالوا: لا ندري


(١) في الأصل: "معنالا"، وهو تصحيف، ولعل الصواب ما أثبت.
(٢) في الأصل: "محو"، والظاهر من السياق ما أثبت.
(٣) في الأصل: "كالنظر"، والصواب ما أثبت.
(٤) في الأصل: "إلى ذلك"، والظاهر ما أثبت.
(٥) لعلها سقطت من الأصل، والسياق يقتضي زيادتها.

<<  <   >  >>