للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والغالب على مثل هذه الأحوال، البُدوُّ على الناس والنظر؛ فالظاهر من هذا كله جواز ما وراء نظر المفاجآت، إلا لمَن خاف أو قصد اللذة، وقد تقدّم القول في ذلك، وفي ما يجوز للقواعد من النساء إبداؤه، في باب ما يجوز إبداؤه وما لا يجوز.

(١٠١) - مسألة: فإن كانت هذه الأجنبية مسلمة أمة, هل هي في جواز النظر إليها وامتناعه مثل الحرة أم لا؟:

اختُلف في ذلك؛ فمنهم مَن قال: إنها كالحرة سواء، ومنهم مَن قال: هي بالنسبة إلى الرجل كنسبة الرجل إلى الرجل، فيما يجوز أن ينظر منها، ومنهم مَن قال: ينظر منها إلى ما يجوز أن ينظر إليه من ذوات محارمه، وذلك مثل: الوجه والرأس والصدر والساقين والعضدين، ولا ينظر إلى بطن ولا ظهر، هذا ما حكاه القدوري على أنه مذهب الحنفية، وزعم أبو عمر بن عبد البر: أن (كون ما) (١) هو منها عورة كالرجل متمع عليه، وزعم الغزالي: أن القياس هو أن لا يجوز النظر منها إلا ما يجوز النظر إليه من الحرة، وحكاه قولاً قد قيل. وروي عن مالك من كراهة خروجهن متجردات ما قد ذكرنا جميعه، وبينَّا كيف لا يصح الإِجماع الذي حكاه أبو عمر معه مستوعباً، في باب ما يجوز للأمة إبداؤه، فعُد إليه بالنظر (٢).

والأظهر عندي في تلك المسألة: جواز إبدائهن من أنفسهن أكثر مما تبديه الحرة من نفسها، أخذاً مما قدَّمنا ذكره من مستقر الأمر فيهن جيلاً فجيلاً.

وأما في هذه المسألة التي هي ما يجوز النظر إليه منهن؛ فموضع حذر


(١) في الأصل: "إن كونا مما هو", وهو تصحيف، والظاهر ما أثبت.
(٢) انظره في الباب الثاني.

<<  <   >  >>