للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عورته، في مرض ولا صحة ولا على اضطرار، قال: واحتجبت عائشة - رضي الله عنها - من أعمى، فقيل لها: إنه لا ينظر إليك، قالت: لكني أنظر إليه (١).

فهذا عموم منه [في] (٢) مَن لا يحلّ له فرجها، (أجنبيّاً) (٣) (كان أو ذا) (٤) محرم، وهذا صحيح ويمكن أن يفترق نظرها إليهم من نظرهم إليها فيما هو من البدن مستور عادة، إلا أن يظهر بقصدة كالصدر والبطن والظهر (ونحوها) (٥)، فإنا قد قلنا في نظر ذوي المحارم إلى ذلك من ذوات محارمهم ما تقدم، والأمر أبيَنُ في جواز نظر النساء إلى تلك المواضع من ذوي محارمهن، إلا أنّه يجب التفريق في ذلك بين ذوي المحارم، فليس نظرها إلى صدر أبيها أو بطنه كنظرها إلى صدر ابن زوجها أو بطنه، وأَبين ما يفترق فيه البابان [أعني] (٦) المحارم وهؤلاء، نظرها إلى ذلك ممَّن لا أَرب له في النساء أو من عبدها، فإنه أَخفُّ من نظرهم إلى ذلك منها، فليس نظر المرأة إلى صدر عبدها كنظره هو إلى صدرها؛ نظرهم يقع أشد من نظرهن، وإن كان نظرهن لتلك المواضع منهم محذوراً مخافة الهوى، والضابط المعتبر حاكم عدل (فليلتفت قضاؤه) (٧) ويلزم، وهو أن الغضَّ عن كلِّ ما يمكن أن يكون


(١) رواه مالك في "الموطأ"، ولفظه: أنها احتجبت من أعمى، فقيل لها: إنه لا ينظر إليك! قالت: لكني أنظر إليه.
ويستفاد من الحديث: أنه يحرم على المرأة نظر الرجل، كما يحرم على الرجل نظر المرأة، وهو أحد قولي الشافعي وأحمد، واعتبره النووي هو الأصح. انظر: نيل الأوطار: ٥/ ١٢٥.
(٢) زدتها من "المختصر"، والظاهر سقوطها من الأصل.
(٣) في الأصل: "أجنبي"، وهو تصحيف، والصواب ما أثبت.
(٤) كذا في "المختصر"، وفي الأصل: "كان وذا"، وهو تصحيف.
(٥) في الأصل: "ونحوهما"، والظاهر ما أثبت.
(٦) كذا في "المختصر"، وفي الأصل: "عن".
(٧) كذا في "المختصر"، وفي الأصل: "سلف قصاه"، وهو تصحيف، ولعله سقط من الأصل شيء.

<<  <   >  >>