للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ينظر إلى ذلك من المرأة عند الحاجة والضرورة، فإن اضطر إلى الدخول عليها دخل معه غيره، ليُبعد سوء الظن عن نفسه، لقوله - صلى الله عليه وسلم -:

٢٥٤ - "إنها صفية":

وذلك أنَّ رجلين من أصحابه لقياه ومعه صفية، فقال ذلك، فقالا: سبحان الله يا رسول الله! قال: "إن الشيطان يجري من ابن آدم (١) مجرى الدم، وَاني خشيت أن يقدف في قلوبكما فتهلكا" (٢) أو كما قال - صلى الله عليه وسلم -. هذا نص الرواية.

وشرح ابن رشد إياها فيه تهافت، فإنه لما قال: إذا غضَّ بصره عمَّن لا يحل له النظر إليه مما لا يظهر من زينتها، أعطى أنه ممنوع لغير الوجه والكفين، وظهر من دليل خطابه: جواز النظر إلى ما ظهر [منها] (٣) من زينتها، ثم قال: لقوله تعالى: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: ٣١]، وذلك الوجه والكفان [على ما قال أهل التأويل، فكان هذا نصًّا على ما فُهم قبل


(١) وفي "صحيح مسلم": "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم".
(٢) رواه مسلم في كتاب السلام، باب بيان أنه يستحب لمن رؤي خاليًا بامرأة وكانت زوجته أو محرمًا لها، أن يقول: هذه فلانة؛ ليدفع ظن السوء به، ولفظه: عن علي بن حسين، عن صفية بنت حيي، قالت: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - معتكفًا، فأتيته أزوره ليلًا فحدثته، ثم قمتُ لأنقلب، فقام معي ليقلبني، وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد، فمر رجلان من الأنصار، فلما رأيا النبي - صلى الله عليه وسلم - أسرعا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "على رسلكما، إنها صفية بنت حيي"، فقالا: سبحان الله يا رسول الله! قال: "إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم، واني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرًا"، أو قال: "شيئًا" (صحيح مسلم بشرح النووي: ١٤/ ١٥٦). قال النووي: الحديث فيه فوائد، منها: بيان كمال شفقته - صلى الله عليه وسلم - على أمته ومراعاته لمصالحهم وصيانة قلوبهم وجوارحهم وكان بالمؤمنين رحيمًا، فخاف - صلى الله عليه وسلم - أن يلقي الشيطان في قلوبهما فيهلكا، فإن ظن السوء بالأنبياء كفر بالإِجماع، والكبائر غير جائزة عليهم. (صحيح مسلم بشرح النووي: ١٤/ ١٥٦).
(٣) لا توجد في الأصل، زدناها من "المختصر".

<<  <   >  >>