للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فغض الطَّرف إنك من نمير (١) ...

معناه: انقص من نظرك سواء كان الطرف العين، أو الصوت.

ويقال أيضًا: غَضّ صوته، ومعناه: نقص من جهارته، قال تعالى: {وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ} [لقمان: ١٩].

١ - وما روي أنه -عَلَيْهِ السَّلامْ-، كان إذا فرح، غَضَّ طرفه (٢). معناه، لو صحَّ: أنه كان يفعل ذلك ليكون أبعد من (الأشر) (٣) والمرح عند الفرح.

ومنه الأثر (٤): لمَّا مات عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه - وقال عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: هنيئًا لك؛ خرجت من الدنيا ببطنتك لها يتغضغض منها شيء؛ أي: لم ينتقص. قال الأحوص (٥):

سأطلبُ بالشام الوليدَ فإنَّه ... هو البحرُ ذو التيَّار لا يتغَضْغَضُ

أي: لا ينتقص.


(١) البيت لجرير وهو بكامله:
فغض الطَّرْفَ إنَّكَ من نُمَيْرٍ ... فلا كعبًا بلغتَ ولا كِلابا
(٢) أورد الأثر ابن منظور في لسان العرب بلفظه، انظره في مادة: "غضض": ٩/ ١٨٧. ولم أقف عليه عند غيره.
(٣) الأشر: المرح والتجبر، وقيل: أشر: بطر. والأشر: البطر: قال الشاعر:
أشرتم بلبس الخزِّ لما لبستم ... ومن قبل ما تدرون من فتح القرى
وقيل: إنه المعتدي إلى منزلة لا يستحقها، والمعنى واحد.
(٤) ذكر هذا الأثر بلفظه ابن منظور في لسان العرب، انظر: ٩/ ١٩٨ ولم أقف عليه عند غيره.
(٥) الأحوص: محمد الأنصاري المدني، كان من شعراء اللهو والفجور، ضُرب وسُجن وُأهين أيام سليمان بن عبد الملك، وتغاضى عن زلاته الوليد بن عبد الملك، فأكرمه وأعزَّ مكانه، وأنزله عنده، ولكن فسق الأحوص جعله يقصيه، وكان يهجو أشراف الأنصار وقريش ويتغزَّل بنسائهم .. اشتهر بتفننه في ضروب الشعر كلها، له الفخر الرائع، والمدح البديع، والهجاء المقذع، ولم يكن يتكلَّف بل كان يرسل نفسه على سجيتها. من تاريخ الأدب العربي: ١/ ٥٦٢.

<<  <   >  >>