للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والأصل في هذا الباب قوله تعالى: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ (٣٠) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: ٣٠، ٣١].

معنى هذه الآية: يا محمد! قل لمن آمن بما جئتَا به في غضِّ البصر، بأن (تقول) (*) لهم يغضوا، فيجزم يغفكوا على أنه جواب، أو انْهَهُمْ عن النظر، إن تَنْهَهُمْ، يغضوا.

وعلى الوجهين، الجواب هو يغضوا (وهو) (**) خبرٌ من الله سبحانه، ولكنه بمعنى الأمر، أي: يكونوا مأمورين بالغضِّ، وكذلك نجد مَن لا يغض، وقد قيل له، أو نهي. والخبر المحض لا يدخل الحلف فيه إن كان من صادق.

فإن قيل: وأين الأمر بالغضِّ على هذا؟ وإنما أُمر بأن يأمر -على ما قلت- أو بأن ينهى عن النظر.

قيل: قد قلنا: إن إخباره عنهم بأنهم يغضون هو بمثابة قوله تعالى: {يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} [البقرة: ٢٣٣] وأشباهه، أي: خبر بمعنى الأمر.

ولا ريب في أن (الغرض) (١) من هذه الآية مشروع زَاكٍ، بل هو أزكى لهم. وقويت الأخبار منه تعالى عن نفسه عقبَ هذا، بأنه خبير بما يُصنع، مطَّلع على ما يُفعل، نازلة منزلة الوعيد، كأنه قال: غضوا أَبصاركم فإنه لا تخفى (عليَّ) (٢) أسراركم.

وقوله: [يَغُضُّواْ} معناه: ينقصوا من نظرهم؛ يقال: غضّ بصره وغض طَرْفه نَقَص منه.


(*) في الأصل: "باب تقل لهم"، والصواب ما أثبته.
(**) في الأصل: "وهم"، والصواب ما أثبته.
(١) في الأصل: "الغلط"، والصواب: "الغرض".
(٢) في الأصل: "عليه"، والصواب: "عليَّ".

<<  <   >  >>