للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكان عمر يقسم ذلك، حتى علي الرجل والمرأة، والكبير والصغير، ولا يشرك أحدًا معه يعلم به.

ثم حَدَثَ هؤلاء، فأكلوا مالَ بيت المال، واقتسموا البلاد إقطاعًا، واختصوا بذلك لأنفسهم، ويزعمون أنه حلالٌ لهم، حتى إن بعضَهم يقول لنا: كلْ؛ فإنه من إقطاعي حلال!! فقد اقتسموا بلاد المسلمين، فجعلوها لهم إقطاعًا، ثم أكلوا أموالَ بيتِ المال، ولم يُعطوا أحدًا من ذوي الحاجات ولا غيرهم منها درهمًا، ثم لم يقنعهم ذلك حتى أخذوا من أوقاف المسلمين، ثم لم يقنعهم ذلك حتى أخذوا الرشا والبرطيل علي الولايات والمناصب، ويقول بعضهم: أعطني مالي الذي لي عندَك؛ كأنه باعه به التجارةَ والمتاع، ثم لم يقنعوا بذلك حتى أخذوا أموالَ الناس ظلمًا وعسفًا وعدوانًا، ثم بعد ذلك يزعم أحدُهم أنه عادل، أو أنه مثلُ عمر، بل ويزعم بعضُهم أنه أعدلُ من عمر، فإنا لله وإنا إليه راجعون، هذا هو الكفر والجهل.

أخبرنا جَدِّي وغيرُه، أنا الصلاحُ بنُ أبي عمرَ، أنا الفخرُ بنُ البخاريِّ، أنا ابنُ الجوزيِّ، أنا محمّدُ بنُ عبدِ الباقي، أنا حمدُ بنُ أحمدَ، ثنا أحمدُ بنُ عبد الله، ثنا سليمانُ بنُ أحمدُ، ثنا المقدامُ بنُ داودَ، ثنا عبدُ الله بنُ محمد، ثنا مالكُ بنُ مِغْوَلٍ، عن نافعٍ، عن ابنِ عمرَ، قال: قدم علي عمر مالٌ من العراق، قال: فأقبل يَقسمه، فقام إليه رجلٌ، فقال: يا أمير المؤمنين! لو أبقيتَ من هذا المال لعدوٍّ إن حضر، أو نائبةً إن نزلت، فقال عمر: مالَكَ قاتَلَكَ الله نُطق بها علي لسانِك شيطان؟ كفاني الله حجّتها، والله! لا أعصينّ الله اليوم لغد،

<<  <   >  >>