للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيها، فهل يأثمون بذلك؟ وهل يتعين عليهم؟

اختلفت الرواية عن أحمد في ذلك: قال في رواية المروذي: لا بدّ للمسلمين من حاكم، أتذهب حقوق الناس؟

وقال في رواية محمد بن موسى في الشّاهد يأبى أن يشهد، أيأثم؟ قال: إذا كان يضرّ بأهل القرية، ومثلُه يُحتاج إليه، فلا يفعل.

وظاهر كلامه: أنه جعل القضاء والشهادة من فروض الكفايات، مع ما قد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في ذم القضاء، فأولى أن تكون الإمامةُ الكبرى كذلك؛ إذ ليس طلبتها ولا الدخول فيها مكروهاً، وقد تنازعها أهلُ الشّورى، فما رُدَّ عليها طالب، ولا مُنع منها راغب، ولأن بالناس حاجةً إلى ذلك؛ لحماية البَيْضة، والذبِّ عن الحَوْزة، وإقامةِ الحدود، واستيفاءِ الحقوق، فجرى مجرى حاجتهم إلى غسل الموتى وحملِهم، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وغير ذلك (١).

[فصل]

قال القاضي: فإن تكافأ في شروط الإمامة اثنان: قُدِّم أسنُّهما، وإن لم يكن ذلك شرطاً، فإن بويع لأصغرهما، جاز، فإن كان أحدُهما أعلمَ، والآخرُ أشجعَ نظرت، فإن كانت الحاجة إلى فضل الشجاعة أدعى؛ لانتشار الأعداء، وسدِّ الثغور، وظهور البغاة، كان الأشجع أحقَّ.

وإن كانت الحاجة إلى فضل العلم؛ لسكون الدَّهْماء، وظهورِ أهل


(١) انظر: "الأحكام السلطانية" (ص: ٢٣ - ٢٤).

<<  <   >  >>