للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال: كان عمرُ بنُ الخطاب جالسًا مع أصحابه، فمرّ به رجلٌ، فقال له: ويل لك يا عمرُ من النار، فقال رجلٌ: يا أمير المؤمنين! ألا ضربته؟ -وأُقسمُ بالله لو قال مثلَها رجلٌ لقطج، لَقَطَع لسانه، أو عاقبه العقاب الشديد- فقال له رجلٌ- أظنه عليًا-: ألا سألته؟ فقال: عليَّ الرجل، فقال له: لِمَ قلتَ ذلك؟ قال: تستعمل العامل، وتشرط عليه شروطًا، ولا تنظر في شروطه، قال: وما ذاك؟ قال: عاملُكَ علي مصر اشترطْتَ عليه شُروطًا، فترك ما أمرتَه به، وانتهكَ ما نهيته عنه. وكان عمر إذا استعمل عاملًا، اشترط عليه: أن لا يركب دابةً، ولا يلبس رقيقًا، ولا يأكل نقيًّا، ولا يغلق بابه من حوائج الناس وما يصلحهم. قال: فأرسل إليه رجلين، فقال: سَلا عنه، فإن كان كذبَ عليه، فأعلماني، وإن كان صدق، فلا تملِّكاه من أمره شيئًا حتى تأتياني به، وإن وجدتماه أغلقَ بابه دون الناس، فأحرقا بابه- وكان يأمر بذلك-، قال: فقدما، فسألا عنه، فوجداه قد صدق عليه، فاستأذنا ببابه، فقيل: إنه ليس عليه إذن، فقالا: ليخرجنَّ إلينا، أو لنحرقنَّ بابه، وجاء أحدُهما بشعلة من نار، فلما رأى ذلك حاجبُه، أخبره، فخرج إليهما، فقالا: إنا رسولا عمر لتأتيه، فقال: إن لي حاجة حتى نتزود، قالا: ما أنت بالذي تأتي أهلك، فاحتملاه، فأتيا به عمرَ، فسلم عليه، فقال: من أنت ويلك؟ قال: عاملُك علي مصر -وكان قد ابيضَّ وسَمِنَ من ريف مصر-، قال: استعملتُك، وشرطتُ عليك شروطًا، فتركتَ ما أمرتُك به، وانتهكْتَ ما نهيتتُك عنه، أما والله! لأعاقبنَّك عقوبةً أبلغ إليك فيها، ائتوني بدرَّاعة من كساء، وعصا، وثلاثِ مئةِ شاةٍ من شاءِ الصدقة، فقال: البسْ هذه الدرَّاعة، فقد رأيت

<<  <   >  >>