للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من أهل ولايتك غِشّ؛ فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ [شَيْئًا]، فَأَصبَحَ لَهُمْ غَاشًّا، لَمْ يَرحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ".

قال: رحمك اللهُ! هل عليك دَيْن؟ قال: نعم، دين لربي -تبارك وتعالى- لم يحاسبني بعدُ، فويل لي إن ناقشني، وويلٌ لي إن ساءَلَني، وويلٌ لي إن وافقني، وويلٌ لي إن لم أُلْهَم حجتي.

قال: أُعفيكَ من دين العباد؟ قال: لا، لأن عندي خيرًا كثيرًا لا أحتاج معه إلي ما في أيدي الناس. قال أبو عمر: كأنه يعني القرآنَ والسننَ والدعاء.

قال: فهذه ألفُ دينار خذْها تستعين بها على عيالك وزمانك، وتوسِّع بها عليهم، قال: إن ربي -عَزَّ وَجَلَّ- لم يأمرني بهذا، أمرني أن أُطيع أمره، وأصدّق وعدَه، وقد قال- تبارك وتعالي-: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (٥٧) إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ} [الذاريات: ٥٦ - ٥٨]، فراجعَه، فقال: يا هذا! أنا أصفُ لك طريقَ النجاة، وأنت تكافئني بمثل هذا؟! ثم صَمَتَ فلم يردَّ علينا شيئًا حتى خرجْنا من عنده، فقال هارون: يا عباسي! إذا دَلَلْتَنى، فدلّني على مثلِ هذا، هذا سيدُ المسلمينَ اليومَ (١).

وقد قرأتُ هذه الحكايةَ على الشيخْ شهابِ الدين بنِ هلالٍ، فكتب لي بخطه: عن ابنِ المحبِّ، عن النابلسي، عن الواسطيِّ، عن الشيخ موفقِ الدين، وبعضهم ينكر ذلك.


(١) رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٨/ ١٠٥ - ١٠٨)، والبيهقي في "شعب الإيمان": (٧٤٢٥ - ٧٤٢٦).

<<  <   >  >>