التعاسة والبلاء، فقال: والله! لو علمت أنّ في هذا الأمر خيراً، ما سبقني منهم أحدٌ إليه.
وهو صادق؛ لأنّه كان يصلُح له من جهة العلم والمال، فحدّثته: أنّا قد روينا في "فوائد أبي القاسم الرّازي": أنّ حَجَراً عَبَدَ الله كذا كذا ألف سنة، ثمّ جعلَه في أُسِّ كَنيفٍ، فعجَّ إلى ربّه -عَزَّ وَجَلَّ-، وقال: يا ربّ! عبدتُك كذا كذا ألفَ سنة، ثمّ جعلتني في أُسِّ كنيفٍ؟! فأوحى الله -عَزَّ وَجَلَّ- إليه: أما ترضى أن عدلتُ بك عن مجالس القضاة؟ (١).
وكان شرفُ الدين بنُ عيدٍ في زمننا حَلَفَ عند قبر النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أن لا يلي القضاء، ثمّ أكرهه السّلطان عليه.
وكان قوامُ الدين الحنفيُّ امتنعَ منه، ثمّ أكره عليه.
وأكره شيخنا ابنَ قندس عليه، وحلف عليه، فولي يوماً، ثمّ عزل لفتنته.
وامتنع منه القاضي شهابُ الدين بنُ الباعونيِّ حتّى أُجيب إلى كلّ ما شرط عليهم.
وامتنع منه ولدهُ شيخنا الشّيخُ برهان الدين.
وأما ذوو الرغبة فيه والبرطيل عليه في زمننا، فكثير ممن لا يصلح له، لا بالعلم ولا بالدين، فلا كَثَّرَ اللهُ في الإسلام من أمثالهم.
وقد ذكر عن شيخ الإسلام شمسِ الدين بنِ أبي عمَر -وهو أولُ
(١) رواه تمام في "فوائده" (١/ ٢٤٢، ٢٤٣)، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (٣٨/ ٩٩). قال تمام: هذا حديث منكر.