للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

منهم، ولا القولُ بقتل أعوانهم، حتى ولم يُخرجهم -بذلك- من الإمامة، حتى إنه -عليه السلام- لما أَخبر عن أنه تكون أمراءُ وولاةُ جَوْر، فقيل له: ألا نُنابذهم عند ذلك؟ فقال: "لَا مَا أَقَامُوا فِيكُمُ الدِّينَ" (١)، وقد أمرَ بالسمعِ والطاعةِ ما لم ترَ كفراً بَواحاً عندكم من الله فيه برهان (٢).

وكَثرُ تأملي لذلك، ولَعَمري! لئن جاز قتلُ أعوانهم، ليجوزُ به قتلُهم من بابٍ أولى، فلما كثر تأملي لذلك، وفحصي عنه، بان لي الحقُّ فيه، وأنّ هذه المسألة ليست في أعوان الحكام والولاة وسُعاتهم، وإنما هي أن في قرب الأربع مئة ظهر العَيَّارون على الحكام والناسِ، فكانوا يأخذون أموالَ الناس قهراً بالليل والنهار، ولا يفيد فيهم الغوثُ، ولا التجمُّع؛ بحيث إنه كان يخرج إليهم عسكرُ الإسلام، فيكسرونه ويردُّونه؛ بحيث إنّ كبيرَهم البرجميَّ لم يبقَ أحدٌ يتجاسر يقول عنه: البرجميّ، إنما يقال له: أبو العباس القائد بمسمى السلاطين؛ بحيث إن جميع الأجناد خرجوا إليه، فقال لهم: أنتم إليّ، وأنا كلَّ ليلة عندكم، وكسرَهم؛ بحيث إنهم قبضوا [على] السلطان، وأرادوا حبسه، فخلّصه منهم، وردّه إلى بنيه.

وكانوا قد صاروا ثلاثة أقسام:

قسم يدورون بالنهار ينظرون ويتأملون ما يأخذونه بالليل، وهم السُّعاة، ويأتون بالليل، منهم من يباشر القتلَ والأخذَ، وكبارُهم


(١) تقدم تخريجه.
(٢) تقدم تخريجه.

<<  <   >  >>