للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليَّ؟ والله عليّ أن لا آلو عن أفضلكم، وقال لعلي: إني لم أر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يعدلون بعثمان أحداً، فلا تجعل على نفسك لأحد (١).

وهذا يدل على أنه لابد أن يكون أفضلَ موجود من قريش يقعُ الإجتهادُ عليه في الأفضلية، سواءٌ كان من وَلَدِ العباس، أو غيرِهم، كما وقع الإتفاق على أفضلية أبي بكر، ثمّ عمر، ثمّ عثمان.

وأما عليٌّ -رضي الله عنه-، فلم يقع الإتفاقُ عليه، بل وقع اختلافٌ بينه وبين معاوية، ثم بعدَ قتلِه استقرَّ الأمرُ لمعاويةَ، فلا بدَّ للخليفة من المبايعة من أهل الحَلِّ والعَقْد في كلِّ بلد، وأما ما يُفعل في زمننا، فهو أمرٌ ليس فيه معرفة ولا تحقيق من كونه من ولدِ العباس، فهذا أمرٌ قد بينّا فسادَه، وعدمَ الاجتهاد في كونه أفضلَ، وهذا غيرُ جيد، وأن الذي يوليه السلطانُ الذي هو نائبُه، وهذا أمر فاسد، بل المبايعة إنما تكون للخليفة الذي هو الأصلُ الذي يولِّي السلطانَ، فلا بد أن يتفق عليه أهلُ الحل والعقد في كلِّ بلد، ويبايعون له، لا في نائبه الذي هو السلطان؛ فإن السلطان نائب الخليفة اليوم، فتعتبر المبايعة للخليفة، لا للسلطان، والسلطانُ لا تعتبر له مبايعة، بل يوليه الخليفةُ، ولا يصح توليةُ الخليفة من السلطان؛ لأنه يلزم من ذلك الدَّوْرِ، ويصير كلُّ واحد منهما نائبَ الآخر، وفرعاً عنه، وهذا من أفسد ما يكون.


(١) رواه البخاري (٣٤٩٧)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: قصة البيعة والإتفاق على عثمان بن عفان -رضي الله عنه-، والبخاري أيضاً (٦٧٨١)، كتاب: الأحكام، باب: كيف يبايع الإمام الناس.

<<  <   >  >>