والثاني: أن إمامة المعهود إليه تنعقد بموته باختيار أهل الوقت.
فإن قال: قد عهدتُ بالأمر إلي فلان، فإن مات قبل موتي، أو تغيرت حالُه، فالإمامُ بعدَه فلان، وذكرَ آخرَ، جاز ذلك، وكان هذا عهدًا إليه بالشرط. فإن بقي الأولُ إلي وفاة العاهد سليمًا، كان هو الإمام دون الثاني، وإن مات قبل موت الإمام، أو تغيرت حاله بأحد ثلاثة أشياء، كان الثاني هو الإمامَ المعهودَ إليه.
وكذلك إن قال: فإن مات الثاني، أو تغيرت حاله، فالخليفة فلانٌ، صحّ، وكان ذلك علي الترتيب.
والأصل فيه: ما رواه الدارقطني في "الأفراد" بإسناده، قال: لما وجه رسولُ الله القومَ إلي مُؤتة، قال:"عَلَيْكُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ، فَإِنْ أُصِيبَ زَيْدٌ، فَجَعْفَر، فَإِنْ أُصِيبَ جَعْفَرٌ، فَعَبْدُ اللهِ بْنُ رَوَاحَةَ"(١).
وروى سيفٌ بإسنادِه، قال: لما أنفذَ عمرُ -رضي الله عنه- بالجيشِ إلي نَهَاوندَ، قال: قد أَمَّرْتُ حُذيفةَ بنَ اليمان حتى ينتهيَ إلي النعمانِ بنِ
(١) رواه الإمام أحمد في "المسند" (٥/ ٢٩٩)، والنسائي في "السنن الكبرى" (٨٢٤٩)، وابن حبان في "صحيحه" (٧٠٤٨) عن أبي قتادة -رضي الله عنه-.