معين، وينبغي إيجاد تشريعات بديلة ومن كلماته المشهورة في أحد كتبه:"إن التلمود يتحدث متأثرًا بفكر زمانه وهو حق في ذلك الزمان، وأنا أتحدث منطلقًا من فكر متقدم في عصري هذا، وبالنسبة لهذا العصر فأنا محق" وبهذا المبدأ أزاح هولدهايم التلمود من مكانته التشريعية المعهودة عند اليهود.
ومن البارزين الذين كانت لهم مساهمة فعالة في هذه الحركة الإصلاحية المتحررة في ألمانيا أبراهام جايجر (Abraham Gieger) (١٨١٠ - ١٨٧٤ م)(١)، وقد يكون من المناسب أن نفصل بعض الشيء المعالم البارزة في حياته. ولد في أسرة تقليدية (Orthodox) وتلقى تعاليم التلمود في طفولته وصباه، ثم درس الفلسفة واللغات الشرقية، ثم واصل تعليمه في جامعة بون، وكانت رسالته للدكتوراه عن تأثير اليهودية في القرآن. وبعد أن تخرج شغل مناصب دينية في مناطق مختلفة في ألمانيا كان في آخرها حاخامًا في برلين. ومنذ أن كان في الثلاثين احتل مكانة بارزة في الحركة التجديدية الحرة، وكان أحد مفكريها وخطبائها وكُتَّابها المشهورين. وأصدر عددًا من الكتب، وأنشأ مجلة، وشارك في مؤتمرات الحركة، وقاد كثيرًا من نشاطاتها.
كان يعتبر أن اليهودية دين دائم التطور، أو عملية ثورية مستمرة (Judaism is an ongoing revolutionary process) ترتكز أصولها على تعاليم الأنبياء العبريين، التي طورها الشراح في عصر التلمود الذين لم يعتبروا شريعة الأنبياء شريعة أبدية ملزمة (Eternally Valid) ولكنهم بإبداع كيفوها لحاجاتهم في عصرهم. إلا أن اليهودية ومنذ القرن السادس قبل الميلاد جمدت على أيدي التقليديين، ومهمة الحركة التجديدية الحرة نفض الغبار عن جوهرها وإزالة الزوائد التي علقت بها عبر القرون. وجوهر اليهودية في نظره ليست أشكالها أو مؤسساتها ولا حتى شريعتها ولكن جوهرها هو أخلاقها (Morality).
وقدّم جايجر مفهومًا جديدًا عن منزلة الوحي في اليهودية فهو يقول بما أن الواسطة الوحيدة لنقل الوحي الإلهي هم البشر المعرضون للخطأ فإن نقلهم للوحي لا يمكن أن يكون غير متأثر ببشريتهم، ولهذا فإن كل التعاليم التي يزعم أنها مقدسة وأنها وحي إلهي خالص هي في الحقيقة مزيج من "الإلهي"