للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وبحضارتهم وعلومهم. ولهذا جعل نصب عينيه منذ تلك اللحظة هدفًا سعى لتحقيقه طول حياته، وهو أن يقلد المسلمون الإنجليز والحضارة الغربية في كل شيء، مما جعل جون ماكدونالد الذي كان محررًا آنذاك في إحدى صحف مدينة "الله آباد" يصفه والزمرة التي بدأت تلتف حوله من المسلمين بأنهم "إنجليز في كل شيء باستثناء العناصر الأساسية لعقيدتهم الدينية" (١).

وفي كتاب له ظهر في تلك الفترة بعنوان: "ولاء المسلمين في الهند" كتب سيد خان يقول بأن هذا الولاء محبذ من تعاليم الدين في مثل هذه الظروف، واستدل بخدمة نبي الله يوسف -عليه السلام- لعزيز مصر بكل إخلاص وولاء، مع أن عزيز مصر لم يكن على دين يوسف (٢).

وابتدأ سيد خان إصلاحاته بإزالة الحواجز بين المسلمين وبين الإنجليز، وقد كان من تلك الحواجز امتناع المسلمين من مخالطة الإنجليز ومؤاكلتهم فألف سيد خان كتاب "أحكام طعام أهل الكتاب" دعا فيه إلى معايشة الإنجليز ومشاركتهم موائدهم والتشبه بهم في آدابهم وتقاليدهم (٣)، وتوج هذه الدعوة إلى تدعيم الصلات وتقويتها بالإقبال على دراسة الإنجيل وشرح بعض أجزائه، وكان أحد أهداف تلك الدراسة -التي ظهرت بعنوان: "تبيين الكلام" والتي لم يكتب لها أن تكتمل- أن يظهر أوجه الشبه بين الإسلام والمسيحية (٤).

وفي عام (١٨٦٩ م) سنحت الفرصة لسيد خان لزيارة إنجلترا وكانت رغبته كما كتب في خطاب قبل سفره أن يطلع بنفسه "على العظمة الباهرة للحضارة الغربية" في مهدها "لا ليستفيد هو وحده من هذه التجربة بل ليستفيد قومه أيضًا" لأنه حين يعود سوف يعلمهم ما تعلمه ويضع نفسه نموذجًا لهم "في الاقتباس من الغرب (٥)، ومكث سيد خان في لندن سبعة عشر شهرًا كان فيها" ضيفًا مبجلًا وزائرًا كريمًا وصديقًا عزيزًا، في الأوساط الإنجليزية المحترمة، وحضر المآدب


(١) جاء هذا الوصف في كتابه "أعمدة الإمبراطورية". انظر: ص ١٤٨ "جوانب من التراث الهندي"، د. خليل.
(٢) Balijon, "The Reforms and Religious Ideas of sir" Sayyid Ahmed Khan P.٢٢.
(٣) المصدر نفسه.٢٨ - ٢٧ P.
(٤) Hali.Hayat - ١ - Javed p.٧٥.
(٥) المصدر نفسه P.١١٠.