للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بين الآراء الغربية وبين الشرع، وقد فعل ذلك ببساطة تثير العجب باستخدام مبدأين مفضلين لدى العصرانيين: المبدأ الأول أنه يرى أن أحكام الشرع في هذه المسائل ليست أحكامًا ثابتة؛ بل هي أحكام متغيرة مع الزمان والمكان، ويشرح ذلك في هذه العبارة:

"الشريعة الإسلامية إنما هي كليات وحدود عامة، ولو كانت تعرضت إلى تقرير جزئيات الأحكام لما حق لها أن تكون شرعًا يمكن أن يجد فيه كل زمان وكل أمة ما يوافق مصالحهما"؛ ثم يقول: "فالأحكام المبنية على ما يجري من العوائد والمعاملات فهي قابلة للتغيير على حسب الأحوال والأزمان، فتبين لنا من ذلك أن لنا في مأكلنا ومشربنا وجميع شؤون حياتنا العمومية والخصوصية في أن نتخير ما يليق بنا ويتفق مع مصالحنا بشرط ألا نخرج عن تلك الحدود العامة" (١).

واستنادًا على هذا المبدأ الموسع الفضفاض يرى أن الإسلام يمكن أن يتلاءم ببساطة مع كل التطورات (٢)، ويقول مع أنه من المهم أن نلتفت إلى التمدن الإسلامي القديم ونرجع إليه، ونقف على ظواهره وخفاياه لأنه يحتوي على كثير من أصول حالتنا الحاضرة، ولكن من الخطأ أن ننسخ منه صورة ونحتذي مثال ما كان فيه سواء بسواء؛ لأن كثيرًا من ظواهر هذا التمدين لا يمكن أن يدخل في نظام معيشتنا الحالية (٣).

والمبدأ الثاني الذي يستخدمه قاسم أمين هو "أن أقوال النبي (٤) لا تشكل كلها جزءًا من الدين، فمن الطبيعي أن ننحي من هذه الأقوال تلك المحادثات الأليفة والنصائح الخلقية والحكم الفلسفية، التي لا تشكل التزامات وواجبات دينية، كما يجب أن ننحي أيضًا كل ما لا علاقة له بالفقه والتشريع، وتبقى بعد ذلك الأحاديث القليلة التي تفسر أو تكمل التوجيهات التي يتضمنها القرآن الكريم، بعد تحقق جاد من روايتها، أو بملاحظة مطابقتها مع نص القرآن أو روحه" (٥).


(١) تحرير المرأة، المصدر نفسه ٢/ ١١١.
(٢) المصريون، المصدر نفسه ١/ ٣٢٨.
(٣) "الأعمال الكاملة" ٢/ ٢٠٣ - ٢٠٦ (تحرير المرأة).
(٤) صلوات الله وسلامه عليه.
(٥) "الأعمال الكاملة" ١/ ٣٢٦ (المصريون).