للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في الصحيح من سُنَّة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، بل الذي يغلب على الظن أن أغلب المروي عن الرسول - صلى الله عليه وسلم - في شؤون الدنيا -خارج نطاق العبادات والمقدرات والمحرمات- ليس من الشرع اللازم" (١).

ويرى العصرانيون تقديم المصلحة على النص، ويحتجون على ذلك ببعض اجتهادات عمر بن الخطاب ويقول أحدهم أن تقديم النص على المصلحة والاستمساك به في أي ظرف وثنية جديدة؛ ففي مقال بعنوان: "وثنيون هم عبدة النصوص" يتساءل كاتب المقال: ما العمل إذا لم تحقق النصوص تحت أي ظرف مقاصد الشريعة، وبدا أن هناك تعارضًا بينهما؟ ويجيب: "أن الثابت عند أغلب الفقهاء أن المصلحة تقدم على النص ولا يشير من أين استقى هذا الرأي ولا من هم الفقهاء ثم يقول: "إنه يدعو إلى احترام النصوص وتوقيرها، ولكنه يحذر من المبالغة في تقديسها إلى المدى الذي يوقعنا في محظور عبادة هذه النصوص، ومحاولة تعطيل عقولنا أمامها" ويقول: "وتلك وثنية جديدة، ذلك أن الوثنية ليست فقط عبادة الأصنام، فهذه صيغة الزمن القديم، ولكن وثنية هذا الزمان صارت تتمثل في عبادة القوالب والرموز، وفي عبادة النصوص والطقوس" (٢).

وتتبلور كل هذه الآراء عن محاولة تقسيم السُّنَّة إلى تشريعية وغير تشريعية، أو الدعوة إلى تقديم المصلحة على النصوص، أو تقسيم الفقه إلى ثابت ومتغير في هذا الرأي الجريء الذي يرى أن الدين محصور في دائرة العقائد والعبادات فقط، أما في غيرهما فالأمر متروك للناس أن يشرعوا ما شاءوا كيف شاءوا مما يرونه محققًا لمصالحهم، يقول صاحب هذا الرأي:

"لا مناص لنا من أن نواجه المسألة الشائكة مواجهة أساسية لكي ندخل تغييرًا جذريًّا على فهم الناس لماهية الدين نفسه، وندخل قلبًا تامًا على فهمهم لدوره في المجتمع حتى نقنعهم بألا يتجاوزوا به النطاق المشروع الذي ينبغي أن يقتصر سلطانه عليه. .


(١) محمد سليم العوا، "السُّنَّة التشريعية وغير التشريعية" ص ٤٨ مجلة المسلم المعاصر، العدد الافتتاحي، أكتوبر ١٩٧٤ م.
(٢) فهمي هويدي، "وثنيون هم عبدة النصوص" ص ٣٤ مجلة العربية عدد ٢٣٥، يونيو ١٩٧٨ م.